فصل: فَصَلِّ: في الغرقى والهدمى:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (نسخة منقحة)



.فَصَلِّ فِي الْعَصَبَاتِ:

الْعَصَبَةُ النَّسَبِيَّةُ ثَلَاثَةٌ عَصَبَةٌ بِنَفْسِهِ وَعَصَبَةٌ بِغَيْرِهِ وَعَصَبَةٌ مَعَ غَيْرِهِ (وَالْعَصَبَةُ بِنَفْسِهِ ذَكَرٌ) فَإِنَّ الْأُنْثَى لَا تَكُونَ عَصَبَةً بِنَفْسِهَا بَلْ لِغَيْرِهَا أَوْ مَعَ غَيْرِهَا (لَيْسَ فِي نِسْبَتِهِ إلَى الْمَيِّتِ أُنْثَى) فَإِنْ قُلْتَ الْأَخُ لِأَبٍ وَأُمٍّ عَصَبَةٌ بِنَفْسِهِ مَعَ أَنَّ الْأُمَّ دَاخِلَةٌ فِي نِسْبَتِهِ إلَى الْمَيِّتِ، قُلْتُ قَرَابَةُ الْأَبِ أَصْلٌ فِي اسْتِحْقَاقِ الْعُصُوبَةِ فَإِنَّهَا إذَا انْفَرَدَتْ كَفَتْ فِي إثْبَاتِ الْعُصُوبَةِ بِخِلَافِ قَرَابَةِ الْأُمِّ فَإِنَّهَا لَا تَصْلُحُ بِانْفِرَادِهَا عِلَّةً لِإِثْبَاتِهَا فَهِيَ مُلْغَاةٌ فِي إثْبَاتِ الْعُصُوبَةِ لَكِنَّا جَعَلْنَاهَا بِمَنْزِلَةِ وَصْفٍ زَائِدٍ فَرَجَّحْنَا بِهَا الْأَخَ لِأَبٍ وَأُمٍّ عَلَى الْأَخِ لِأَبٍ (وَهُوَ يَأْخُذُ مَا أَبْقَتْهُ الْفَرَائِضُ وَعِنْدَ الِانْفِرَادِ) أَيْ انْفِرَادَهُ عَنْ غَيْرِهِ فِي الْوِرَاثَةِ (يُحْرِزُ جَمِيعَ الْمَالِ) بِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ.
وَفِي التَّبْيِينِ هَذَا رَسْمٌ وَلَيْسَ بِحَدٍّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ إلَّا عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يُعْرَفَ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ، وَلَكِنْ لَا يُعْرَفُ مَنْ هُوَ الْعَصَبَةُ مِنْهُمْ فَيَكُونُ تَعْرِيفًا بِالْحُكْمِ، وَالْمَقْصُودُ مَعْرِفَةُ الْعَصَبَةِ حَتَّى يُعْطَى مَا ذُكِرَ وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ.
(وَأَقْرَبُهُمْ) أَيْ أَقْرَبُ الْعَصَبَاتِ (جُزْءُ الْمَيِّتِ وَهُوَ الِابْنُ وَابْنُهُ وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (سَفَلَ) لِدُخُولِهِمْ فِي اسْمِ الْوَلَدِ، وَغَيْرُهُمْ مَحْجُوبُونَ بِهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} إلَى أَنْ قَالَ سُبْحَانَهُ {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} فَجَعَلَ الْأَبَ صَاحِبَ فَرْضٍ مَعَ الْوَلَدِ وَلَمْ يَجْعَلْ لِلْوَلَدِ الذَّكَرِ سَهْمًا مُقَدَّرًا فَتَعَيَّنَ الْبَاقِي لَهُ فَدَلَّ أَنَّ الْوَلَدَ الذَّكَرَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ بِالْعُصُوبَةِ، وَابْنُ الِابْنِ ابْنٌ لِأَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَهُ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ أَيْضًا وَمِنْ حَيْثُ الْمَعْقُولُ أَنَّ الْإِنْسَانَ يُؤْثِرُ وَلَدَ وَلَدِهِ عَلَى وَلَدِهِ وَيَخْتَارُ صَرْفَ مَالِهِ، وَلِأَجْلِهِ يَدَّخِرُ مَالَهُ عَادَةً عَلَى مَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «الْوَلَدُ مَبْخَلَةٌ مَجْبَنَةٌ» وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ لَا تَجَاوُزَ بِكَسْبِهِ مَحَلَّ اخْتِيَارِهِ إلَّا أَنَّا صَرَفْنَا مِقْدَارَ الْفَرْضِ إلَى أَصْحَابِ الْفُرُوضِ بِالنَّصِّ فَبَقِيَ الْبَاقِي عَلَى قَضِيَّةِ الدَّلِيلِ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ الْبِنْتَ أَيْضًا عَلَيْهِ وَعَلَى كُلِّ عَصَبَةٍ إلَّا أَنَّ الشَّارِعَ أَبْطَلَ اخْتِيَارَهُ بِتَعْيِينِ الْفَرْضِ لَهَا، وَجَعَلَ الْبَاقِيَ لِأَوْلَى رَجُلٍ (ثُمَّ أَصْلُهُ وَهُوَ الْأَبُ وَالْجَدُّ الصَّحِيحُ) أَيْ أَبُ الْأَبِ.
(وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (عَلَا) وَأَوْلَاهُمْ بِهِ الْأَبُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَرَطَ لِإِرْثٍ الْإِخْوَةِ الْكَلَالَةَ وَهُوَ الَّذِي لَا وَلَدَ لَهُ وَلَا وَالِدَ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ، فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ مَعَ الْأَبِ ضَرُورَةً وَعَلَيْهِ إجْمَاعُ الْأُمَّةِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مَعَ الْإِخْوَةِ، وَهُوَ أَقْرَبُ النَّاسِ إلَيْهِ بَعْدَ فُرُوعِهِ وَأُصُولِهِ فَمَا ظَنُّك مَعَ مَنْ هُوَ أَبْعَدُ مِنْهُمْ كَالْأَعْمَامِ وَغَيْرِهِمْ، وَالْجَدُّ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي الْوِلَايَةِ عِنْدَ عَدَمِ الْأَبِ وَيُقَدَّمُ عَلَى الْإِخْوَةِ فِيهِ فَكَذَا فِي الْمِيرَاثِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَبِهِ أَخَذَ الْإِمَامُ (ثُمَّ جُزْءُ أَبِيهِ وَهُمْ الْإِخْوَةُ لِأَبَوَيْنِ أَوْ) الْإِخْوَةُ (لِأَبٍ ثُمَّ بَنُوهُمْ وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (سَفَلُوا) وَإِنَّمَا قُدِّمُوا عَلَى الْأَعْمَامِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الْإِرْثَ فِي الْكَلَالَةِ لِلْإِخْوَةِ عِنْدَ عَدَمِ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ يُقَدَّمُونَ عَلَى الْأَعْمَامِ، وَإِنَّمَا قُدِّمَ الْأَخُ لِأَبٍ وَأُمٍّ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى لِاتِّصَالِهِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (ثُمَّ جُزْءُ جَدِّهِ وَهُمْ الْأَعْمَامُ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ ثُمَّ بَنُوهُمْ وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (سَفَلُوا ثُمَّ جُزْءُ جَدِّ أَبِيهِ كَذَلِكَ) أَيْ أَوْلَاهُمْ بِالْمِيرَاثِ بَعْدَ الْإِخْوَةِ أَعْمَامِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُمْ جُزْءُ الْجَدِّ فَكَانُوا أَقْرَبَ، ثُمَّ أَعْمَامُ الْأَبِ لِكَوْنِهِمْ أَقْرَبَ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ جُزْءُ الْجَدِّ، ثُمَّ أَعْمَامُ الْجَدِّ لِأَنَّهُمْ أَقْرَبُ بَعْدَهُمْ وَيُقَدَّمُ الْعَمُّ لِأَبٍ وَأُمٍّ عَلَى الْعَمِّ لِأَبٍ ثُمَّ الْعَمُّ لِأَبٍ عَلَى وَلَدِ الْعَمِّ لِأَبٍ وَأُمٍّ.
(وَالْعَصَبَةُ بِغَيْرِهِ مَنْ فَرْضُهُ النِّصْفُ وَالثُّلُثَانِ) وَهُمْ أَرْبَعٌ مِنْ النِّسَاءِ (يَصِرْنَ عَصَبَةً بِإِخْوَتِهِنَّ وَيُقَسَّمُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) فَالْبَنَاتُ بِالِابْنِ وَبَنَاتُ الِابْنِ بِابْنِ الِابْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} وَالْأَخَوَاتُ لِأَبٍ وَأُمٍّ بِأَخِيهِنَّ وَالْأَخَوَاتُ لِأَبٍ بِأَخِيهِنَّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانُوا إخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} (وَمَنْ لَا فَرْضَ لَهَا) مِنْ الْإِنَاثِ (وَأَخُوهَا عَصَبَةٌ لَا تَصِيرُ عَصَبَةً بِهِ) أَيْ بِأَخِيهَا (كَالْعَمَّةِ) لَا تَصِيرُ عَصَبَةً بِالْعَمِّ الَّذِي هُوَ أَخُوهَا فَالْمَالُ كُلُّهُ لِلْعَمِّ دُونَ الْعَمَّةِ، وَبِنْتُ الْعَمِّ لَا تَصِيرُ عَصَبَةً بِابْنِ الْعَمِّ فَالْمَالُ كُلُّهُ لِابْنِ الْعَمِّ دُونَ بِنْتِ الْعَمِّ (وَبِنْتِ الْأَخِ) لَا تَصِيرُ عَصَبَةً بِأَخِيهَا فَالْمَالُ كُلُّهُ لِابْنِ الْأَخِ؛ لِأَنَّ النَّصَّ الْوَارِدَ فِي صَيْرُورَةِ الْإِنَاثِ بِالذُّكُورِ عَصَبَةً إنَّمَا هُوَ فِي مَوْضِعَيْنِ الْبَنَاتُ بِالْبَنِينَ وَالْأَخَوَاتُ بِالْإِخْوَةِ وَالْإِنَاثُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا ذَوَاتُ فُرُوضٍ فَمَنْ لَا فَرْضَ لَهُ مِنْ الْإِنَاثِ لَا يَتَنَاوَلُهُ النَّصُّ.
(وَالْعَصَبَةُ مَعَ غَيْرِهِ الْأَخَوَاتُ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ مَعَ الْبَنَاتِ وَبَنَاتِ الِابْنِ) وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَوْ بَدَلَ الْوَاوِ تَدَبَّرْ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «اجْعَلُوا الْأَخَوَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ عَصَبَةً» وَإِنَّمَا سُمِّينَ عَصَبَةً مَعَ غَيْرِهِ وَمَعَ إخْوَتِهِنَّ عَصَبَةً بِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْغَيْرَ وَهُوَ الْبَنَاتُ شَرْطٌ بِصَيْرُورَتِهِنَّ، وَلَمْ يَجْعَلْهُنَّ عَصَبَةً بِهِنَّ لِأَنَّ أَنْفُسَهُنَّ لَيْسَتْ بِعَصَبَةٍ فَكَيْفَ يَجْعَلْنَ غَيْرَهُنَّ عَصَبَةً بِهِنَّ بِخِلَافِ مَا إذَا كُنَّ عَصَبَةً بِإِخْوَتِهِنَّ؛ لِأَنَّ الْإِخْوَةَ بِنَفْسِهِمْ عَصَبَةٌ فَيَصِرْنَ بِهِمْ عَصَبَةً تَبَعًا.
(وَذُو الْأَبَوَيْنِ مِنْ الْعَصَبَاتِ مُقَدَّمٌ عَلَى ذِي الْأَبِ) الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّ ذَا الْقَرَابَتَيْنِ مِنْ الْعَصَبَاتِ أَوْلَى مِنْ ذِي قَرَابَةٍ وَاحِدَةٍ مَعَ تَسَاوِيهِمَا فِي الدَّرَجَةِ ذَكَرًا كَانَ ذُو الْقَرَابَتَيْنِ أَوْ أُنْثَى لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إنَّ أَعْيَانَ بَنِي الْأُمِّ يَتَوَارَثُونَ دُونَ بَنِي الْعَلَّاتِ» وَالْمَقْصُودُ مِنْ ذِكْرِ الْأُمِّ هَهُنَا إظْهَارُ مَا يُرَجَّحُ بِهِ بَنُو الْأَعْيَانِ عَلَى بَنِي الْعَلَّاتِ (حَتَّى إنَّ الْأُخْتَ لِأَبَوَيْنِ مَعَ الْبِنْتِ) سَوَاءٌ كَانَتْ صُلْبِيَّةً أَوْ بِنْتَ ابْنٍ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ (تَحْجُبُ الْأَخَ لِأَبٍ) خِلَافًا لِابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا فَإِنَّ الْأُخْتَ لَا تَصِيرُ عَصَبَةً مَعَ الْبَنَاتِ عِنْدَهُ.
(وَعَصَبَةُ وَلَدِ الزِّنَا وَوَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ مَوْلَى أُمِّهِ)؛ لِأَنَّهُ لَا أَبَ لَهُ «وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْحَقَ وَلَدَ الْمُلَاعَنَةِ بِأُمِّهِ» فَصَارَ كَشَخْصٍ لَا قَرَابَةَ لَهُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ فَيَرِثُهُ قَرَابَةُ أُمِّهِ وَيَرِثُهُمْ، فَلَوْ تَرَكَ أُمًّا وَبِنْتًا وَالْمُلَاعِنَ فَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَالْبَاقِي يُرَدُّ عَلَيْهِمَا كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ.
وَكَذَا لَوْ كَانَ مَعَهُمَا زَوْجٌ أَوْ زَوْجَةٌ أَخَذَ فَرْضَهُ وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا فَرْضًا وَرَدًّا، وَلَوْ تَرَكَ أُمَّهُ وَأَخَاهُ لِأُمِّهِ وَابْنَ الْمَلَاعِنِ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ وَلِأَخِيهِ لِأُمِّهِ السُّدُسُ وَالْبَاقِي رَدٌّ عَلَيْهِمَا وَلَا شَيْءَ لِابْنِ الْمَلَاعِنِ؛ لِأَنَّهُ لَا أَخَ لَهُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ.
وَلَوْ مَاتَ وَلَدُ ابْنِ الْمُلَاعَنَةِ وَرِثَهُ قَوْمُ أَبِيهِ وَهُمْ الْإِخْوَةُ وَلَا يَرِثُونَهُ قَوْمُ جَدِّهِ وَهُمْ الْأَعْمَامُ وَأَوْلَادُهُمْ، وَبِهَذَا تُعْرَفُ بَقِيَّةُ مَسَائِلِهِ، وَهَكَذَا وَلَدُ الزِّنَا إلَّا أَنَّهُمَا يَفْتَرِقَانِ فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ أَنَّ وَلَدَ الزِّنَا يَرِثُ مِنْ تَوْأَمِهِ مِيرَاثَ أَخٍ لِأُمٍّ، وَوَلَدَ الْمُلَاعَنَةِ يَرِثُ التَّوْأَمَ مِيرَاثَ أَخٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ (وَالْأَبُ مَعَ الْبِنْتِ صَاحِبُ فَرْضٍ وَعَصَبَةٍ) كَمَا مَرَّ ذِكْرُهُ.
(وَآخِرُ الْعَصَبَاتِ مَوْلَى الْعَتَاقَةِ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» وَلِأَنَّهُ أَحْيَاهُ مَعْنًى بِالْإِعْتَاقِ فَأَشْبَهَ الْوِلَادَةَ (ثُمَّ عَصَبَتُهُ) أَيْ عَصَبَةُ مَوْلَى الْعَتَاقَةِ (عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ) بِأَنْ يَكُونَ جُزْءُ الْمَوْلَى أَوْلَى وَإِنْ سَفَلَ ثُمَّ أُصُولُهُ ثُمَّ جُزْءُ أَبِيهِ ثُمَّ جُزْءُ جَدِّهِ يُقَدَّمُونَ بِقُوَّةِ الْقَرَابَةِ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ وَبِعُلُوِّ الدَّرَجَةِ عِنْدَ التَّفَاوُتِ (فَمَنْ تَرَكَ أَبَ) الْأَوْلَى بِالْأَلِفِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَوْضِعِ النَّصْبِ (مَوْلَاهُ وَابْنَ مَوْلَاهُ فَمَالُهُ كُلُّهُ لِابْنِ مَوْلَاهُ) لِمَا أَنَّ الِابْنَ وَابْنَ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَبِ، وَهَذَا عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ (وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِلْأَبِ السُّدُسُ وَالْبَاقِي لِلِابْنِ) هَذَا قَوْلُهُ الْآخَرُ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عِنْدَ ابْنِ مَسْعُودٍ وَبِهِ قَالَ شُرَيْحٌ وَالنَّخَعِيُّ وَقَوْلُهُمَا هُوَ اخْتِيَارُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ لِأَبِي يُوسُفَ.
(وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْأَبِ جَدٌّ فَكُلُّهُ لِلِابْنِ اتِّفَاقًا) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَبَ كَالِابْنِ فِي الْعُصُوبَةِ بِحَسْبِ الظَّاهِرِ لِأَنَّ اتِّصَالَ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْمَيِّتِ بِلَا وَاسِطَةٍ وَكَوْنُ الِابْنِ أَقْرَبَ يَحْتَاجُ إلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ زِيَادَةَ قُرْبِهِ أَمْرٌ حُكْمِيٌّ فَوَقَعَ الْخِلَافُ هُنَاكَ بِخِلَافِ الْجَدِّ فَإِنَّ اتِّصَالَهُ بِوَاسِطَةِ الْأَبِ فَيَكُونُ الْأَبُ أَقْرَبَ مِنْ الْجَدِّ، وَيَكُونُ الِابْنُ أَقْرَبَ مِنْهُ بِلَا اشْتِبَاهٍ فَلَا يُزَاحِمُهُ الْجَدُّ فِي الْوَلَاءِ، أَمَّا ابْنُ الِابْنِ مَعَ الْجَدِّ فَالْأَظْهَرُ أَنْ يَرِثَ ابْنُ الِابْنِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِالِابْنِ مِنْ الْجَدِّ بِالْأَبِ كَمَا فِي الْفَتَاوَى.
(وَلَوْ تَرَكَ جَدَّ مَوْلَاهُ وَأَخَا) مَوْلَاهُ (فَالْجَدُّ أَوْلَى) وَيَكُونُ الْوَلَاءُ كُلُّهُ لِلْجَدِّ عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِلْمَيِّتِ فِي الْعُصُوبَةِ مِنْ الْأَخِ عَلَى مَذْهَبِهِ (وَعِنْدَهُمَا يَسْتَوِيَانِ) فَيَكُونُ الْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ (وَالْعَصَبَةُ إنَّمَا يَأْخُذُ مَا فَضَلَ عَنْ ذَوِي الْفُرُوضِ) كَمَا مَرَّ.
(فَلَوْ تَرَكَتْ زَوْجًا وَإِخْوَةً لِأُمٍّ وَإِخْوَةً لِأَبَوَيْنِ وَأُمًّا فَالنِّصْفُ لِلزَّوْجِ وَالسُّدُسُ لِلْأُمِّ وَالثُّلُثُ لِلْإِخْوَةِ لِأُمٍّ، وَلَا يُشَارِكُهُمْ الْإِخْوَةُ لِأَبَوَيْنِ)؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مِنْ سِتَّةٍ، نِصْفُهُ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ لِلزَّوْجِ وَثُلُثُهُ وَهُوَ اثْنَانِ لِلْإِخْوَةِ لِأُمٍّ وَسُدُسُهُ وَهُوَ وَاحِدٌ لِلْأُمِّ وَمَا فَضَلَ عَنْ فَرْضِ ذَوِي الْفُرُوضِ شَيْءٌ حَتَّى يُعْطَى لِلْإِخْوَةِ لِأَبَوَيْنِ وَهُمْ عَصَبَةٌ، وَبِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَأَخَذَ عُلَمَاؤُنَا.
وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ تَشْتَرِكُ الْأَوْلَادُ لِأَبٍ وَأُمٍّ مَعَ الْأَوْلَادِ لِأُمٍّ وَبِهِ أَخَذَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يَقُولُ أَوَّلًا مِثْلَ مَا قَالَ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ إلَى قَوْلِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَسَبَبُ رُجُوعِهِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَأَجَابَ كَمَا هُوَ مَذْهَبُهُ فَقَامَ وَاحِدٌ مِنْ الْأَوْلَادِ لِأَبٍ وَأُمٍّ.
وَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَلَئِنْ سَلِمَ أَنَّ أَبَانَا كَانَ حِمَارًا أَلَسْنَا مِنْ أُمٍّ وَاحِدَةٍ ؟ فَأَطْرَقَ رَأْسَهُ مَلِيًّا وَقَالَ: صَدَقَ لِأَنَّهُ بَنُو أُمٍّ وَاحِدَةٍ فَشَرَكَهُمْ فِي الثُّلُثِ فَلِهَذَا سُمِّيَتْ الْمَسْأَلَةُ حِمَارِيَّةً وَمُشَرِّكَةً وَعُثْمَانِيَّةً وَعَنْ هَذَا قَالَ (وَتُسَمَّى الْمُشَرِّكَةَ وَالْحِمَارِيَّةَ).

.فَصَلِّ فِي الْحَجْبِ:

وَهُوَ فِي اللُّغَةِ الْمَنْعُ وَفِي اصْطِلَاحِ أَهْلِ هَذَا الْعِلْمِ مَنْعُ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ عَنْ مِيرَاثِهِ إمَّا كُلُّهُ وَيُسَمَّى حَجْبَ الْحِرْمَانِ أَوْ بَعْضُهُ وَيُسَمَّى حَجْبَ النُّقْصَانِ بِوُجُودِ شَخْصٍ آخَرَ فَشَرَعَ فِي تَفْصِيلِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَقَالَ (حَجْبُ الْحِرْمَانِ مُنْتَفٍ فِي حَقِّ سِتَّةٍ) مِنْ الْوَرَثَةِ (الِابْنِ وَالْأَبِ وَالْبِنْتِ وَالْأُمِّ وَالزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ) فَإِنْ قُلْت قَدْ يُحْجَبُ هَذَا الْفَرِيقُ بِالْقَتْلِ وَالرِّدَّةِ وَالرُّقْيَةِ فَلَا يَصِحُّ أَنَّ حَجْبَ الْحِرْمَانِ مُنْتَفٍ فِي هَذَا الْفَرِيقِ قُلْت: الْكَلَامُ فِي الْوَرَثَةِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ لَيْسُوا بِوَرَثَةٍ (وَمَنْ عَدَاهُمْ يُحْجَبُ الْأَبْعَدُ بِالْأَقْرَبِ، وَ) يُحْجَبُ (ذُو الْقَرَابَةِ) الْوَاحِدَةِ (بِذِي الْقَرَابَتَيْنِ وَمَنْ يُدْلِي بِشَخْصٍ لَا يَرِثُ مَعَهُ) أَيْ مَعَ وُجُودِ ذَلِكَ الشَّخْصِ كَابْنِ الِابْنِ مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا يَرِثُ مَعَ الِابْنِ (إلَّا أَوْلَادَ الْأُمِّ حَيْثُ يُدْلُونَ) أَيْ يُنْسَبُونَ إلَى الْمَيِّتِ (بِهَا) أَيْ بِالْأُمِّ.
(وَ) لَكِنْ (يَرِثُونَ مَعَهَا) أَيْ مَعَ الْأُمِّ قَالَ الْفَاضِلُ الشَّرِيفُ، وَتَحْقِيقُ هَذَا الْأَصْلِ أَنَّ الشَّخْصَ الْمُدْلَى بِهِ إنْ اسْتَحَقَّ جَمِيعَ التَّرِكَةِ لَمْ يَرِثْ الْمُدْلِي مَعَ وُجُودِهِ سَوَاءٌ اتَّحَدَا فِي سَبَبِ الْإِرْثِ كَمَا فِي الْأَبِ وَالْجَدِّ وَالِابْنِ وَابْنِهِ أَوْ لَمْ يَتَّحِدَا كَمَا فِي الْأَبِ وَالْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ، فَإِنَّ الْمُدْلَى بِهِ لَمَّا أَحْرَزَ جَمِيعَ الْمَالِ لَمْ يَبْقَ لِلْمُدْلِي شَيْءٌ أَصْلًا وَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْمُدْلَى بِهِ الْجَمِيعَ، فَإِنْ اتَّحَدَا فِي السَّبَبِ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْأُمِّ وَأَمِّ الْأُمِّ لِأَنَّ الْمُدْلَى بِهِ لَمَّا أَخَذَ نَصِيبَهُ بِذَلِكَ السَّبَبِ لَمْ يَبْقَ لِلْمُدْلِي مِنْ النَّصِيبِ الَّذِي يَسْتَحِقُّ بِذَلِكَ السَّبَبِ شَيْءٌ وَلَيْسَ لَهُ نَصِيبٌ آخَرُ فَصَارَ مَحْرُومًا، وَإِنْ لَمْ يَتَّحِدَا فِي السَّبَبِ كَمَا فِي الْأُمِّ وَأَوْلَادِهَا فَإِنَّ الْمُدْلَى بِهِ حِينَئِذٍ يَأْخُذُ نَصِيبَهُ الْمُسْتَنِدَ إلَى سَبَبِهِ وَالْمُدْلِي يَأْخُذُ نَصِيبًا آخَرَ مُسْتَنِدًا إلَى سَبَبٍ آخَرَ فَلَا حِرْمَانَ فَإِنْ قُلْت: أَلَيْسَتْ الْأُمُّ تَسْتَحِقُّ جَمِيعَ التَّرِكَةِ إذَا انْفَرَدَتْ عَنْ غَيْرِهَا مِنْ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ وَالْعَصَبَاتِ قُلْنَا: لَيْسَ ذَلِكَ الِاسْتِحْقَاقُ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهَا يُسْتَحَقُّ بَعْضُ التَّرِكَةِ بِالْفَرْضِ وَبَعْضُهَا بِالرَّدِّ وَالْمُرَادُ اسْتِحْقَاقُ جَمِيعِهَا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا فِي الْعَصَبَةِ.
(وَتُحْجَبُ الْإِخْوَةُ) مُطْلَقًا حَجْبَ الْحِرْمَانِ (بِالِابْنِ وَابْنِهِ وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (سَفَلَ وَبِالْأَبِ) لِأَنَّهُمْ كَلَالَةٌ، وَتَوْرِيثُ الْكَلَالَةِ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ كَمَا مَرَّ (وَالْجَدِّ) عِنْدَ الْإِمَامِ (وَتُحْجَبُ أَوْلَادُ الْعِلَّاتِ) وَهِيَ الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ لِأَبٍ (بِالْأَخِ لِأَبَوَيْنِ أَيْضًا)؛ لِأَنَّ مِيرَاثَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ جَارٍ مَجْرَى مِيرَاثِ الْأَوْلَادِ الصُّلْبِيَّةِ وَأَنَّ مِيرَاثَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لِأَبٍ كَمِيرَاثِ أَوْلَادِ الِابْنِ ذُكُورُهُمْ كَذُكُورِهِمْ وَإِنَاثَهُمْ كَإِنَاثِهِمْ، فَكَمَا تُحْجَبُ أَوْلَادُ الِابْنِ بِالِابْنِ كَذَلِكَ تَحْجُبُ الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ لِأَبٍ وَأُمٍّ (وَعِنْدَهُمَا لَا تُحْجَبُ الْإِخْوَةُ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ بِالْجَدِّ بَلْ يُقَاسِمُونَهُ وَهُوَ) أَيْ الْجَدُّ (كَأَخٍ إنْ لَمْ تُنْقِصْهُ الْمُقَاسَمَةُ عَنْ الثُّلُثِ عِنْدَ عَدَمِ ذِي الْفَرْضِ) قَالَ الْفَاضِلُ الشَّرِيفُ: إنَّ الْجَدَّ يُشْبِهُ الْأَبَ فِي حَجْبِ أَوْلَادِ الْأُمِّ، وَفِي أَنَّهُ إذَا زَوَّجَ الصَّغِيرَ أَوْ الصَّغِيرَةَ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا خِيَارٌ إذَا بَلَغَا، وَفِي أَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِلْأَخِ فِي النِّكَاحِ مَعَ قِيَامِ الْجَدِّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَالْأَبِ، وَفِي أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ الْجَدُّ بِوَلَدِ الْوَلَدِ، وَفِي أَنَّ حَلِيلَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ تَحْرُمُ عَلَى الْآخَرِ، وَفِي عَدَمِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ، وَفِي صِحَّةِ اسْتِيلَادِ الْجَدِّ مَعَ عَدَمِ الْأَبِ، وَفِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَيْهِ، وَفِي أَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي الْمَالِ وَالنَّفْسِ كَالْأَبِ وَيُشْبِهُ الْأَخَ فِي أَنَّهُ إذَا كَانَ لِلصَّغِيرِ جَدٌّ وَأُمٌّ كَانَتْ النَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا أَثْلَاثًا عَلَى اعْتِبَارِ الْمِيرَاثِ كَمَا عَلَى الْأَخِ وَالْأُمِّ وَفِي أَنَّهُ لَا يَفْرِضُ النَّفَقَةَ عَلَى الْجَدِّ الْمُعْسِرِ كَالْأَخِ، وَفِي عَدَمِ وُجُوبِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ لِلصَّغِيرِ عَلَى الْجَدِّ، وَفِي أَنَّ الصَّغِيرَ لَا يَصِيرُ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِ الْجَدِّ، وَفِي أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِنَافِلَةٍ وَابْنُهُ حَيٌّ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ بِمُجَرَّدِ إقْرَارِهِ وَفِي أَنَّهُ لَا يَجُزُّ وَلَاءُ نَافِلَتِهِ إلَى مَوَالِيهِ كُلُّ ذَلِكَ كَمَا فِي الْأَخِ فَلِتَعَارُضِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ اخْتَلَفَتْ الْعُلَمَاءُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ فِي مَسْأَلَةِ الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ فَجُعِلَ كَالْأَبِ فِي حَجْبِ الْإِخْوَةِ لِأُمٍّ وَكَالْأَخِ فِي قِسْمَةِ الْمِيرَاثِ مَا دَامَتْ الْمُقَاسَمَةُ خَيْرًا لَهُ، فَإِذَا لَمْ تَكُنْ خَيْرًا لَهُ أَعْطَيْنَا لَهُ ثُلُثَ الْمَالِ لِأَنَّهُ مَعَ الْأَوْلَادِ يَرِثُ السُّدُسَ وَمَعَ الْإِخْوَةِ يُضَاعَفُ ذَلِكَ، وَأَيْضًا إذَا قُسِمَ الْمَالُ بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ فَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَلِلْأَبِ الثُّلُثَانِ وَهُمَا فِي الدَّرَجَةِ الْأُولَى، وَلَمَّا كَانَ الْجَدُّ وَالْجَدَّةُ فِي الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ وَكَانَ لِلْجَدَّةِ السُّدُسُ كَانَ لِلْجَدِّ ضِعْفُهُ أَعْنِي الثُّلُثَ، فَإِذَا كَانَ مَعَ الْجَدِّ أَخٌ وَاحِدٌ أَخَذَ بِالْمُقَاسَمَةِ نِصْفَ الْمَالِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ الثُّلُثِ، وَإِذَا كَانَ مَعَهُ أَخَوَانِ فَهُمَا أَيْ الْمُقَاسَمَةُ وَالثُّلُثُ مُتَسَاوِيَانِ، وَإِذَا كَانَ مَعَهُ ثَلَاثَةُ إخْوَةٍ فَالثُّلُثُ خَيْرٌ لَهُ؛ لِأَنَّ نَصِيبَهُ بِالْمُقَاسَمَةِ حِينَئِذٍ رُبُعُ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ صَاحِبُ فَرْضٍ (أَوْ) إنْ لَمْ تُنْقِصْهُ الْمُقَاسَمَةُ (عَنْ السُّدُسِ عِنْدَ وُجُودِهِ) أَيْ وُجُودِ ذِي الْفَرْضِ يَعْنِي إذَا كَانَتْ مَعَهُ أُخْتَانِ لِأَبٍ وَأُمٍّ يُجْعَلُ الْجَدَّ كَأَخٍ وَيَكُونُ الْمَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأُخْتَيْنِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَكَذَا إذَا كَانَتْ مَعَهُ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ، وَإِنْ كَانَتْ مَعَهُ أَرْبَعُ أَخَوَاتٍ فَالْمُقَاسَمَةُ وَالثُّلُثُ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا جُعِلَ كَأَخٍ يَكُونُ كَأُخْتَيْنِ وَيَكُونُ عَدَدُ الْأَخَوَاتِ سِتَّةً وَيَكُونُ الِاثْنَانِ مِنْ السِّتَّةِ لَهُ وَالِاثْنَانِ ثُلُثُ السِّتَّةِ وَتَكُونُ الْمُقَاسَمَةُ وَالثُّلُثُ مُسْتَوِيَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ مَعَهُ خَمْسُ أَخَوَاتٍ يَكُونُ الثُّلُثُ خَيْرًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ جُعِلَ كَأَخٍ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ أُخْتَيْنِ فَيَكُونُ عَدَدُ الْأَخَوَاتِ سَبْعًا فَيَكُونُ حِصَّتُهُ نَاقِصَةً عَنْ السُّدُسِ فَيَكُونُ الثُّلُثُ خَيْرًا لَهُ، وَبَاقِي أَحْكَامِ الْمُقَاسَمَةِ مَذْكُورٌ فِي كُتُبِ الْفَرَائِضِ وَشُرُوحِهَا فَلْيُرَاجَعْ (وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ) وَهُوَ سُقُوطُ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ بِالْجَدِّ لَكِنَّ الْمُخْتَارَ فِي زَمَانِنَا أَنْ يُفْتَى بَعْدَ أَخْذِ الْجَدِّ السُّدُسَ بِالْمُصَالَحَةِ فِي الْبَاقِي بَيْنَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ وَبَيْنَهُ.
(وَإِذَا اسْتَكْمَلَ بَنَاتُ الصُّلْبِ الثُّلُثَيْنِ سَقَطَ بَنَاتُ الِابْنِ)؛ لِأَنَّ إرْثَهُنَّ كَانَتْ تَكْمِلَةً لِلثُّلُثَيْنِ وَقَدْ كَمُلَ بِبِنْتَيْنِ فَيَسْقُطْنَ إذْ لَا طَرِيقَ لِتَوْرِيثِهِنَّ فَرْضًا وَتَعْصِيبًا (إلَّا أَنْ يَكُونَ بِحِذَائِهِنَّ أَوْ أَسْفَلَ مِنْهُنَّ ابْنُ ابْنٍ فَيُعَصِّبَ مَنْ بِحِذَائِهِ وَمَنْ فَوْقَهُ) لَكِنْ (مَنْ لَيْسَتْ بِذَاتِ سَهْمٍ) فَإِنَّهُ لَا يَعْصِبُ ذَاتَ السَّهْمِ كَالْبَنَاتِ الصُّلْبِيَّةِ مَثَلًا (وَيُسْقِطُ مَنْ دُونَهُ) وَإِذَا كَانَتْ يُعَصِّبُ ابْنُ الِابْنِ مَنْ بِحِذَائِهِ وَمَنْ هُوَ فَوْقَهُ يَكُونُ الْبَاقِي بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ أَخًا لَهُنَّ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَهَذَا مَذْهَبُ عَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ يَسْقُطْنَ بَنَاتُ الِابْنِ بِبِنْتَيْ الصُّلْبِ وَإِنْ كَانَ مَعَهُنَّ غُلَامٌ وَلَا يُقَاسِمْنَهُ.
وَإِنْ كَانَتْ الْبِنْتُ الصُّلْبِيَّةُ وَاحِدَةً وَكَانَ مَعَهُنَّ غُلَامٌ كَانَ لِبَنَاتِ ابْنٍ أَسْوَأُ الْحَالَيْنِ مِنْ السُّدُسِ وَالْمُقَاسَمَةِ وَأَيُّهُمَا أَقَلُّ أُعْطَيْنَ، ثُمَّ الْأَصْلُ فِي بَنَاتِ الِابْنِ عِنْدَ عَدَمِ بَنَاتِ الصُّلْبِ أَنَّ أَقْرَبَهُنَّ إلَى الْمَيِّتِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْبِنْتِ الصُّلْبِيَّةِ وَاَلَّتِي يَلِيهَا فِي الْقُرْبِ مَنْزِلَةَ بَنَاتِ الِابْنِ وَهَكَذَا وَإِنْ سَفَلْنَ.
مِثَالُهُ لَوْ تَرَكَ ثَلَاثَ بَنَاتِ ابْنٍ بَعْضُهُنَّ أَسْفَلُ مِنْ بَعْضٍ وَثَلَاثَ بَنَاتِ ابْنِ ابْنٍ آخَرَ بَعْضُهُنَّ أَسْفَلُ مِنْ بَعْضٍ وَثَلَاثَ بَنَاتِ ابْنِ ابْنِ ابْنٍ آخَرَ بَعْضُهُنَّ أَسْفَلُ مِنْ بَعْضٍ فَالْعُلْيَا مِنْ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ لَا يُوَازِيهَا أَحَدٌ فَيَكُونُ لَهَا النِّصْفُ وَالْوُسْطَى مِنْ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ تُوَازِيهَا الْعُلْيَا مِنْ الْفَرِيقِ الثَّانِي فَيَكُونُ لَهُمَا السُّدُسُ تَكْمِلَةً لِلثُّلُثَيْنِ وَلَا شَيْءَ لِلسُّفْلِيَّاتِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ غُلَامٌ فَيُعَصِّبُهَا وَمَنْ بِحِذَائِهَا وَمَنْ فَوْقَهَا مَنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبَةُ فَرْضِ حَقٍّ، لَوْ كَانَ الْغُلَامُ مَعَ السُّفْلَى مِنْ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ عَصَّبَهَا وَعَصَّبَ الْوُسْطَى مِنْ الْفَرِيقِ الثَّانِي وَالْعُلْيَا مِنْ الْفَرِيقِ الثَّالِثِ فَسَقَطَتْ السُّفْلِيَّاتُ، وَلَوْ كَانَ الْغُلَامُ مَعَ السُّفْلَى مِنْ الْفَرِيقِ الثَّانِي عَصَّبَهَا وَعَصَّبَ الْوُسْطَى مِنْهُ وَالْوُسْطَى وَالْعُلْيَا مِنْ الْفَرِيقِ الثَّالِثِ وَالسُّفْلَى مِنْ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ وَلَوْ كَانَ مَعَ السُّفْلَى مِنْ الْفَرِيقِ الثَّالِثِ عَصَّبَ الْجَمِيعَ غَيْرَ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ.
(وَإِذَا اسْتَكْمَلَ الْأَخَوَاتُ لِأَبَوَيْنِ الثُّلُثَيْنِ سَقَطَ الْأَخَوَاتُ لِأَبٍ) لِأَنَّ إرْثَهُنَّ كَانَتْ تَكْمِلَةً لِلثُّلُثَيْنِ وَقَدْ كَمُلَ بِأُخْتَيْنِ فَيَسْقُطْنَ (إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُنَّ أَخٌ لِأَبٍ) فَيَعْصِبُهُنَّ كَمَا فِي بَنَاتِ الِابْنِ (وَالْجَدَّاتُ كُلُّهُنَّ يَسْقُطْنَ بِالْأُمِّ) سَوَاءٌ كَانَتْ أَبَوِيَّاتٌ أَوْ أُمِّيَّاتٌ (وَالْأَبَوِيَّاتُ خَاصَّةً) أَيْ دُونَ الْأُمِّيَّاتِ (بِالْأَبِ أَيْضًا) أَيْ كَمَا يَسْقُطْنَ بِالْأُمِّ وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَعَلِيٍّ وَغَيْرِهِمْ وَنُقِلَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَنَّ أُمَّ الْأَبِ تَرِثُ مَعَ الْأَبِ وَاخْتَارَهُ شُرَيْحٌ وَالْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ؛ لِأَنَّ إرْثَ الْجَدَّاتِ لَيْسَ بِاعْتِبَارِ الْإِدْلَاءِ؛ لِأَنَّ الْإِدْلَاءَ بِالْأُنْثَى لَا يُوجِبُ اسْتِحْقَاقَ شَيْءٍ مِنْ فَرْضِيَّتِهَا بَلْ اسْتِحْقَاقُهُنَّ الْإِرْثَ بِاسْمِ الْجَدَّةِ وَيَتَأَدَّى فِي هَذَا الِاسْمِ أُمُّ الْأُمِّ وَأُمُّ الْأَبِ وَكَمَا أَنَّ الْأَبَ لَا يَحْجُبُ الْأُولَى لَا يَحْجُبُ الثَّانِيَةَ أَيْضًا، وَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّ مُجَرَّدَ الِاسْمِ بِدُونِ الْقَرَابَةِ لَا يُوجِبُ الِاسْتِحْقَاقَ، وَالْقَرَابَةُ لَا تَثْبُتُ بِدُونِ اعْتِبَارِ الْإِدْلَاءِ فَوَجَبَ الْإِدْلَاءُ، أَلَا يُرَى أَنَّ الْجَدَّةَ الْفَاسِدَةَ لَا تَرِثُ مَعَ كَوْنِهَا جَدَّةً لِعَدَمِ الْإِدْلَاءِ.
(وَكَذَا) تَسْقُطُ الْأَبَوِيَّاتُ (بِالْجَدِّ إلَّا أُمَّ الْأَبِ) وَإِنْ عَلَتْ كَأُمِّ أُمِّ الْأَبِ وَهَكَذَا فَإِنَّهَا تَرِثُ مَعَ الْجَدِّ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ قِبَلِهِ.
(وَ) الْجَدَّةُ (الْقُرْبَى مِنْهُنَّ) أَيْ مِنْ الْجَدَّاتِ (مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ أَوْ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ (تَحْجُبُ) الْجَدَّةَ (الْبُعْدَى مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ) الْبُعْدَى فَيَثْبُتُ الْحَجْبُ هَهُنَا فِي أَقْسَامٍ أَرْبَعَةٍ وَهَذَا مَذْهَبُ عُلَمَائِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ.
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ أَنَّ الْقُرْبَى إنْ كَانَتْ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالْبُعْدَى مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ فَهُمَا سَوَاءٌ فَيَكُونُ حِينَئِذٍ حَجْبُ الْقُرْبَى فِي أَقْسَامٍ ثَلَاثَةٍ فَقَطْ مِنْ تِلْكَ الْأَرْبَعَةِ وَقَدْ عَمِلَ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْأَصَحِّ مِنْ أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَدَلِيلُ الطَّرَفَيْنِ مُبَيَّنٌ فِي شُرُوحِ الْفَرَائِضِ فَلْيُطَالَعْ (وَارِثَةً كَانَتْ الْقُرْبَى) كَأُمِّ الْأَبِ عِنْدَ عَدَمِهِ مَعَ أُمِّ أُمِّ الْأُمِّ وَكَأُمِّ الْأُمِّ عِنْدَ عَدَمِهَا مَعَ أُمِّ أُمِّ الْأَبِ (أَوْ مَحْجُوبَةً كَأُمِّ الْأَبِ مَعَهُ) أَيْ مَعَ وُجُودِ الْأَبِ (فَإِنَّهَا تَحْجُبُ أُمَّ أُمِّ الْأُمِّ) أَعْنِي أَنْ يَخْلُفَ الْمَيِّتُ الْأَبَ وَأَمَّ الْأَبِ وَأُمَّ أُمِّ الْأُمِّ يَكُونُ الْمَالُ كُلُّهُ لِلْأَبِ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ الْبُعْدَى مَحْجُوبَةٌ بِالْقُرْبَى وَالْقُرْبَى مَحْجُوبَةٌ بِالْأَبِ.
(وَإِذَا اجْتَمَعَ جَدَّتَانِ إحْدَاهُمَا ذَاتُ قَرَابَةٍ) وَاحِدَةٍ (كَأُمِّ أُمِّ الْأَبِ، وَ) وَالْجَدَّةُ (الْأُخْرَى ذَاتُ قَرَابَتَيْنِ كَأُمِّ أَبِ الْأَبِ وَهِيَ أَيْضًا أُمُّ أُمِّ الْأُمِّ فَثُلُثُ السُّدُسِ لِذَاتِ الْقَرَابَةِ) الْوَاحِدَةِ (وَثُلُثَاهُ لِلْأُخْرَى) أَيْ الَّتِي هِيَ ذَاتُ قَرَابَتَيْنِ (عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَيُنَصَّفُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) بِاعْتِبَارِ الْأَبْدَانِ، وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ وَتَوْضِيحُهَا أَنَّ امْرَأَةً زَوَّجَتْ ابْنَ ابْنِهَا بِنْتَ بِنْتِهَا فَوُلِدَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ وَهَذِهِ الْمَرْأَةُ جَدَّةٌ لِهَذَا الْوَلَدِ الَّذِي مَاتَ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ لِأَنَّهَا أُمُّ أَبِ أَبِيهِ وَمِنْ قِبَلِ أُمِّهِ؛ لِأَنَّهَا أُمُّ أُمِّ أُمِّهِ فَهِيَ جَدَّةٌ ذَاتُ قَرَابَتَيْنِ، ثُمَّ نَقُولُ: هُنَاكَ امْرَأَةٌ أُخْرَى قَدْ كَانَتْ تُزَوِّجُ بِنْتَهَا ابْنَ الْمَرْأَةِ الْأُولَى فَوُلِدَ مِنْ بِنْتِ الْأُخْرَى ابْنُ ابْنِ الْأُولَى الَّذِي هُوَ أَبُو الْمَيِّتِ فَهَذِهِ الْأُخْرَى أُمُّ أُمِّ أَبِ الْمَيِّتِ فَهِيَ ذَاتُ قَرَابَةٍ وَاحِدَةٍ وَهَاتَانِ الْمَرْأَتَانِ جَدَّتَانِ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِذَا اجْتَمَعَتَا فَقَدْ وُجِدَتْ ذَاتُ قَرَابَتَيْنِ مَعَ ذَاتِ قَرَابَةٍ وَاحِدَةٍ وَدَلِيلُ الطَّرَفَيْنِ مُبَيَّنٌ فِي شُرُوحِ الْفَرَائِضِ.
(وَالْمَحْرُومُ بِالْقَتْلِ وَنَحْوِهِ) كَالرِّدَّةِ وَالْكُفْرِ (لَا يَحْجُبُ) غَيْرَهُ أَصْلًا لَا حَجْبَ حِرْمَانٍ وَلَا حَجْبَ نُقْصَانٍ وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ (وَالْمَحْجُوبُ بِحَجْبِ الْحِرْمَانِ يَحْجُبُ) غَيْرَهُ (كَمَا مَرَّ فِي الْجَدَّةِ وَكَالْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ يَحْجُبُهُمْ الْأَبُ وَيَحْجُبُونَ الْأُمِّ مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ) أَمَّا عِنْدَ ابْنِ مَسْعُودٍ فَلِأَنَّ الْمَحْرُومَ عِنْدَهُ حَاجِبٌ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَارِثٍ أَصْلًا فَكَذَا الْمَحْجُوبُ بَلْ هُوَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ وَارِثٍ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ وَأَمَّا عِنْدَنَا فَلِأَنَّ الْمَحْرُومَ إنَّمَا جَعَلْنَاهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَعْدُومِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلْمِيرَاثِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِخِلَافِ الْمَحْجُوبِ فَإِنَّهُ أَهْلٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ آخَرَ فَيُجْعَلُ كَالْمَيِّتِ فِي حَقِّ اسْتِحْقَاقِ الْإِرْثِ حَتَّى لَا يَرِثَ شَيْئًا وَيُجْعَلُ حَيًّا فِي حَقِّ الْحَجْبِ فَهُوَ وَارِثٌ فِي حَقِّ مَحْجُوبِهِ لَوْلَا حَاجِبُهُ يَحْجُبُهُ.

.فَصَلِّ فِي الْعَوْلِ:

هُوَ فِي اللُّغَةِ يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الْمَيْلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ لَا تَعُولُوا} أَوْ بِمَعْنَى كَثْرَةِ الْعِيَالِ أَوْ بِمَعْنَى الِارْتِفَاعِ وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى الْأَخِيرِ أُخِذَ الْمَعْنَى الْمُصْطَلَحُ عَلَيْهِ وَهُوَ أَنْ يُزَادَ عَلَى الْمَخْرَجِ مِنْ أَجْزَاءٍ إذَا ضَاقَ عَنْ فَرْضٍ وَعَنْ هَذَا قَالَ (وَإِذَا زَادَتْ سِهَامُ) أَصْحَابِ الْفَرِيضَةِ عَلَى (الْفَرِيضَةِ فَقَدْ عَالَتْ) الْفَرِيضَةُ وَاعْلَمْ أَنَّ مَجْمُوعَ الْمَخَارِجِ سَبْعَةٌ لَكِنْ فِي الْحَقِيقَةِ تِسْعَةٌ سِتَّةٌ لِكُلِّ فَرْضٍ مِنْ الْفُرُوضِ السِّتَّةِ حَالَ الِانْفِرَادِ وَثَلَاثَةٌ لَهَا حَالَ الِاخْتِلَاطِ إلَّا أَنَّ مَخْرَجَ الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ وَاحِدٌ وَمَخْرَجَ السُّدُسِ وَاخْتِلَاطِ النِّصْفِ أَيْضًا وَاحِدٌ فَسَقَطَ اثْنَانِ وَبَقِيَ سَبْعَةٌ (وَأَرْبَعَةٌ) مِنْهَا (مَخَارِجُ لَا تَعُولُ) أَصْلًا؛ لِأَنَّ الْفُرُوضَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِهَذِهِ الْمَخَارِجِ أَرْبَعَةٌ إمَّا أَنْ يَفِيَ الْمَالُ بِهَا أَوْ يَبْقَى مِنْهُ شَيْءٌ زَائِدٌ عَلَيْهَا (الِاثْنَانِ وَالثَّلَاثَةُ وَالْأَرْبَعَةُ وَالثَّمَانِيَةُ) أَمَّا الِاثْنَانِ فَلِأَنَّ الْخَارِجَ مِنْهُ إمَّا نِصْفَانِ كَزَوْجٍ وَأُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ أَوْ نِصْفٌ، وَمَا بَقِيَ كَزَوْجٍ أَوْ أُخْتٍ أَوْ بِنْتٍ وَعَصَبَةٍ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِي مَسْأَلَةٍ قَطُّ اجْتِمَاعٌ وَأَمَّا الثَّلَاثَةُ فَلِأَنَّ الْخَارِجَ مِنْهَا إمَّا ثُلُثٌ وَثُلُثَانِ كَأُخْتَيْنِ لِأُمٍّ وَأُخْتَيْنِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ وَإِمَّا ثُلُثٌ، وَمَا بَقِيَ كَأُمٍّ أَوْ أُخْتَيْنِ لِأُمٍّ وَعَصَبَةٍ، وَإِمَّا ثُلُثَانِ وَمَا بَقِيَ كَبِنْتَيْنِ أَوْ أُخْتَيْنِ وَعَصَبَةٍ وَلَا يُتَصَوَّرُ فِي مَسْأَلَةٍ قَطُّ اجْتِمَاعُ ثُلُثَيْنِ وَثُلُثَيْنِ أَوْ ثُلُثٍ وَثُلُثٍ وَثُلُثَيْنِ وَأَمَّا الْأَرْبَعَةُ فَلِأَنَّ الْخَارِجَ مِنْهَا إمَّا رُبُعٌ وَنِصْفٌ، وَمَا بَقِيَ كَزَوْجٍ وَبِنْتٍ أَوْ زَوْجَةٍ وَأُخْتٍ وَعَصَبَةٍ، أَوْ رُبُعٌ، وَمَا بَقِيَ كَزَوْجَةٍ وَعَصَبَةٍ، أَوْ رُبُعٌ وَثُلُثُ مَا بَقِيَ، وَمَا بَقِيَ كَزَوْجَةٍ وَأَبَوَيْنِ وَلَا يُتَصَوَّرُ فِي مَسْأَلَةٍ قَطُّ اجْتِمَاعُ رُبْعَيْنِ وَنِصْفٍ وَأَمَّا الثَّمَانِيَةُ فَلِأَنَّ الْخَارِجَ مِنْهَا إمَّا ثُمُنٌ وَمَا بَقِيَ كَزَوْجَةٍ وَابْنٍ، أَوْ ثُمُنٌ وَنِصْفٌ، وَمَا بَقِيَ كَزَوْجَةٍ وَبِنْتٍ وَأَخٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ.
(وَثَلَاثَةٌ) مِنْهَا (تَعُولُ السِّتَّةُ إلَى عَشَرَةٍ وِتْرًا) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْوِتْرُ وَأَرَادَ بِهِ السَّبْعَةَ وَالتِّسْعَةَ (وَشَفْعًا) أَيْ مِنْ حَيْثُ الشَّفْعُ وَأَرَادَ بِهِ الثَّمَانِيَةَ وَالْعَشَرَةَ مِثَالُ عَوْلِهَا إلَى سَبْعَةٍ زَوْجٌ وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ أَوْ زَوْجٌ وَجَدٌّ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَمِثَالُ عَوْلِهَا إلَى ثَمَانِيَةٍ: زَوْجٌ وَأُخْتٌ مِنْ أَبٍ وَأُخْتَانِ وَأُمٌّ أَوْ زَوْجٌ وَثَلَاثُ أَخَوَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ أَوْ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأُخْتٌ مِنْ أَبٍ أَوْ زَوْجٌ وَأُخْتَانِ مِنْ أَبَوَيْنِ وَأُخْتٌ مِنْ أُمٍّ أَوْ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأُخْتَانِ مِنْ أَبٍ وَمِثَالُ عَوْلِهَا إلَى تِسْعَةٍ: زَوْجٌ وَثَلَاثُ أَخَوَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ وَأُمٌّ أَوْ زَوْجٌ وَأُخْتَانِ مِنْ أَبٍ وَأُخْتَانِ مِنْ أُمٍّ أَوْ زَوْجٌ وَأُخْتَانِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ وَأُمٌّ وَأُخْتٌ مِنْ أُمٍّ.
وَمِثَالُ عَوْلِهَا إلَى عَشَرَةٍ: زَوْجٌ وَأُخْتَانِ مِنْ أَبٍ وَأُخْتَانِ مِنْ أُمٍّ وَالْأُمُّ.
(وَالِاثْنَيْ عَشَرَ) يَعُولُ (إلَى سَبْعَةَ عَشَرَ وِتْرًا لَا شَفْعًا) وَأَرَادَ بِهِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَخَمْسَةَ عَشَرَ وَسَبْعَةَ عَشَرَ مِثَالُ عَوْلِهَا إلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ زَوْجٌ وَبِنْتَانِ وَأُمٌّ أَوْ زَوْجَةٌ وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ وَأُخْتٌ لِأُمٍّ أَوْ زَوْجٌ وَبِنْتَا ابْنٍ وَأُمٍّ أَوْ جَدَّةٌ وَمِثَالُ عَوْلِهَا إلَى خَمْسَةَ عَشَرَ زَوْجٌ وَبِنْتَانِ وَأَبَوَانِ أَوْ زَوْجَةٌ وَأُخْتَانِ لِأَبٍ وَأُخْتَانِ لِأُمٍّ وَمِثَالُ عَوْلِهَا إلَى سَبْعَةَ عَشَرَ أَرْبَعُ أَخَوَاتٍ لِأُمٍّ وَثَمَانِيَ أَخَوَاتٍ لِأَبٍ وَجَدَّتَانِ وَثَلَاثُ زَوْجَاتٍ.
(وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ) تَعُولُ (إلَى سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ عَوْلًا وَاحِدًا فِي) الْمَسْأَلَةِ (الْمِنْبَرِيَّةِ) وَعِنْدَ ابْنِ مَسْعُودٍ تَعُولُ إلَى أَحَدٍ وَثَلَاثِينَ (وَهِيَ امْرَأَةٌ وَبِنْتَانِ وَأَبَوَانِ) وَجْهُ تَسْمِيَتِهَا بِالْمِنْبَرِيَّةِ مَذْكُورٌ فِي شُرُوحِ الْفَرَائِضِ.
(وَالرَّدُّ ضِدُّ الْعَوْلِ) إذْ بِالْعَوْلِ يُنْتَقَضُ سِهَامُ ذَوِي الْفُرُوضِ وَيَزْدَادُ أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ وَبِالرَّدِّ يَزْدَادُ السِّهَامُ وَيُنْتَقَضُ أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ وَذَلِكَ (بِأَنْ لَا تَسْتَغْرِقَ السِّهَامُ الْفَرِيضَةَ مَعَ عَدَمِ) الْمُسْتَحِقِّ مِنْ (الْعَصَبَةِ فَيُرَدُّ الْبَاقِي عَلَى ذَوِي السِّهَامِ) الْفَرِيضَةِ (سِوَى الزَّوْجَيْنِ بِقَدْرِ سِهَامِهِمْ) وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَيْ جُمْهُورُهُمْ وَبِهِ أَخَذَ أَصْحَابُنَا.
وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ لَا يُرَدُّ الْفَاضِلُ عَلَى ذَوِي الْفُرُوضِ بَلْ هُوَ لِبَيْتِ الْمَالِ وَبِهِ أَخَذَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ.
وَقَالَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يُرَدُّ عَلَى الزَّوْجَيْنِ أَيْضًا وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا لَا يُرَدُّ عَلَى ثَلَاثَةٍ الزَّوْجَيْنِ وَالْجَدِّ.
(فَإِنْ كَانَ مَنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ جِنْسًا وَاحِدًا فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ عَدَدِ رُءُوسِهِمْ) كَبِنْتَيْنِ وَأُخْتَيْنِ أَنَّهُمَا لَمَّا اسْتَوَيَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ صَارَا كَابْنَيْنِ أَوْ أَخَوَيْنِ فَجَعَلَ الْمَالَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَأَعْطَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ التَّرِكَةِ، وَكَذَا الْجَدَّتَانِ، وَالْمُرَادُ بِالْأُخْتَيْنِ أَنْ تَكُونَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ بِأَنْ يَكُونَ كِلَاهُمَا لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ أَوْ لِأَبَوَيْنِ.
(وَإِنْ كَانُوا) أَيْ مَنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ (جِنْسَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ) مِنْ جِنْسَيْنِ (فَمِنْ عَدَدِ سِهَامِهِمْ) أَيْ تُجْعَلُ الْمَسْأَلَةُ مِنْ عَدَدِ سِهَامِهِمْ أَيْ مِنْ مَجْمُوعِ سِهَامِ هَؤُلَاءِ الْمُجْتَمِعِينَ الْمَأْخُوذُ مِنْ مَخْرَجِ الْمَسْأَلَةِ (فَمِنْ اثْنَيْنِ) أَيْ تُجْعَلُ الْمَسْأَلَةُ مِنْ اثْنَيْنِ (لَوْ كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ سُدُسَانِ) كَجَدَّةٍ وَأُخْتٍ لِأُمٍّ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ حِينَئِذٍ مِنْ سِتَّةٍ وَلَهُمَا مِنْهَا اثْنَانِ بِالْفَرِيضَةِ فَاجْعَلْ الِاثْنَيْنِ أَصْلَ الْمَسْأَلَةِ وَاقْسِمْ التَّرِكَةَ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ.
(وَ) تُجْعَلُ (مِنْ ثَلَاثَةٍ لَوْ) كَانَ فِيهَا (سُدُسٌ وَثُلُثٌ) كَوَلَدَيْ الْأُمِّ مَعَ الْأُمِّ أَوْ أَخَوَيْنِ لِأُمٍّ وَجَدَّةٍ أَوْ أُمٍّ وَأَخٍ لِأُمٍّ.
(وَ) تُجْعَلُ (مِنْ أَرْبَعَةٍ لَوْ) كَانَ فِيهَا (سُدُسٌ وَنِصْفٌ) كَبِنْتٍ وَبَنَاتِ ابْنٍ أَوْ أُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ أَوْ أَخَوَاتٍ لِأَبٍ أَوْ أُخْتٍ لِأَبٍ وَأَخٍ لِأُمٍّ أَوْ جَدَّةٍ مَعَ وَاحِدٍ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ النِّصْفَ مِنْ الْإِنَاثِ.
(وَ) تُجْعَلُ (مِنْ خَمْسَةٍ لَوْ) كَانَ فِيهَا (ثُلُثٌ وَنِصْفٌ) كَأُخْتٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ أُخْتَيْنِ لِأُمٍّ وَكَأُخْتٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ أُمٍّ (أَوْ سُدُسَانِ وَنِصْفٌ) كَبِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنٍ وَأُمٍّ (أَوْ ثُلُثَانِ وَسُدُسٌ) كَبِنْتَيْنِ وَأُمٍّ فَالْمَسْأَلَةُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ أَيْضًا مِنْ سِتَّةٍ وَالسِّهَامُ الَّتِي أُخِذَتْ مِنْهَا خَمْسَةٌ، فَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى لِلْأُخْتِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ وَلِلْأُخْتَيْنِ لِأُمٍّ سَهْمَانِ وَقِسْ عَلَيْهَا سَائِرَهَا.
(فَإِنْ كَانَ مَعَ الْأَوَّلِ) الظَّاهِرُ بِالْوَاوِ أَيْ مَعَ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِمَّنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ (مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ) كَالزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ (أُعْطِيَ فَرْضَهُ) أَيْ فَرْضَ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ (مِنْ أَقَلِّ مَخَارِجِهِ ثُمَّ قُسِمَ الْبَاقِي) مِنْ ذَلِكَ الْمُخْرَجِ (عَلَى) عَدَدِ (رُءُوسِهِمْ) أَيْ رُءُوسِ مَنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَعْنِي ذَلِكَ الْجِنْسَ الْوَاحِدَ كَمَا كُنْت تَقْسِمُ جَمِيعَ الْمَالِ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ إذَا انْفَرَدُوا عَمَّنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ (فَإِنْ اسْتَقَامَ) الْبَاقِي عَلَيْهِمْ فَبِهَا وَنِعْمَتْ هِيَ إذْ لَا حَاجَةَ إلَى ضَرْبٍ (كَزَوْجٍ وَثَلَاثِ بَنَاتٍ) لِلزَّوْجِ الرُّبُعُ فَأَعْطِهِ مِنْ أَقَلِّ مَخَارِجِهِ الرُّبُعَ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ فَإِذَا أَخَذَ رُبُعَهُ وَهُوَ سَهْمٌ بَقِيَ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ فَاسْتَقَامَ عَلَى رُءُوسِ الْبَنَاتِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْتَقِمْ الْبَاقِي عَلَى عَدَدِ رُءُوسِ مَنْ يُرَدُّ عَلَيْهِمْ (فَإِنْ وَافَقَ) رُءُوسُهُمْ ذَلِكَ الْبَاقِيَ فَمَا حَصَلَ تَصِحُّ مِنْهُ الْمَسْأَلَةُ (ضَرَبَ وَفْقَ رُءُوسِهِمْ) أَيْ رُءُوسِ مَنْ يُرَدُّ عَلَيْهِمْ (فِي مَخْرَجِ فَرْضِ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ كَزَوْجٍ وَسِتِّ بَنَاتٍ) فَإِنَّ أَقَلَّ مَخْرَجِ فَرْضِ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ فَإِذَا أَعْطَيْت الزَّوْجَ وَاحِدًا مِنْهَا بَقِيَ ثَلَاثَةٌ فَلَا يَنْقَسِمُ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِ الْبَنَاتِ السِّتِّ لَكِنْ بَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ بِالثُّلُثِ فَيَضْرِبُ وَفْقَ عَدَدِ رُءُوسِهِنَّ وَهُوَ اثْنَانِ فِي الْأَرْبَعَةِ تَبْلُغُ ثَمَانِيَةً فَلِلزَّوْجِ مِنْهَا اثْنَانِ وَلِلْبَنَاتِ سِتَّةٌ.
(وَإِنْ بَايَنَ) رُءُوسُهُمْ ذَلِكَ الْبَاقِيَ (ضَرَبَ كُلَّ رُءُوسِهِمْ) أَيْ رُءُوسَ مَنْ يُرَدُّ عَلَيْهِمْ (فِيهِ) أَيْ فِي مَخْرَجِ فَرْضِ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ (كَزَوْجٍ وَخَمْسِ بَنَاتٍ) أَصْلُهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ لِاجْتِمَاعِ الرُّبُعِ وَالثُّلُثَيْنِ لَكِنَّهَا يُرَدُّ مِثْلُهَا إلَى الْأَرْبَعَةِ الَّتِي هِيَ أَقَلُّ مَخَارِجِ فَرْضِ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ فَإِذَا أَعْطَيْنَا الزَّوْجَ هَهُنَا وَاحِدًا مِنْهَا بَقِيَ ثَلَاثَةٌ فَلَا يَسْتَقِيمُ عَلَى الْبَنَاتِ الْخَمْسِ بَلْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ عَدَدِ الرُّءُوسِ مُبَايَنَةٌ فَضَرَبْنَا كُلَّ عَدَدِ رُءُوسِهِنَّ فِي مَخْرَجِ فَرْضِ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ أَيْ الْأَرْبَعَةِ فَحَصَلَ عِشْرُونَ وَمِنْهَا تَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ، كَانَ لِلزَّوْجِ وَاحِدٌ ضَرَبْنَاهُ فِي الْمَضْرُوبِ الَّذِي هُوَ خَمْسَةٌ فَكَانَ خَمْسَةً فَأَعْطَيْنَاهُ إيَّاهَا، وَكَانَ لِلْبَنَاتِ ثَلَاثَةٌ ضَرَبْنَاهَا فِي الْخَمْسِ حَصَلَ خَمْسَةَ عَشَرَ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُنَّ ثَلَاثَةٌ.
(وَإِنْ كَانَ مَعَ الثَّانِي) أَيْ مَعَ اجْتِمَاعِ جِنْسَيْنِ مِمَّنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ (مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ قُسِمَ الْبَاقِي) مِنْ مَخْرَجِ فَرْضِ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ (عَلَى مَسْأَلَةِ مَنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ فَإِنْ اسْتَقَامَ) فَبِهَا (كَزَوْجَةٍ وَأَرْبَعِ جَدَّاتٍ وَسِتِّ أَخَوَاتٍ لِأُمٍّ) فَإِنَّ أَقَلَّ مَخْرَجِ فَرْضِ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ، فَإِذَا أَخَذَتْ الْمَرْأَةُ وَاحِدًا مِنْهَا بَقِيَ ثَلَاثَةٌ وَهِيَ هَهُنَا مُسْتَقِيمَةٌ عَلَى مَسْأَلَةِ مَنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا أَيْضًا ثَلَاثَةٌ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْأَخَوَاتِ لِأُمٍّ الثُّلُثُ وَحَقُّ الْجَدَّاتِ السُّدُسُ فَلِلْأَخَوَاتِ سَهْمَانِ وَلِلْجَدَّاتِ سَهْمٌ وَاحِدٌ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ اسْتَقَامَ الْبَاقِي عَلَى مَسْأَلَةِ مَنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ وَتَمَامُهُ فِي شُرُوحِ الْفَرَائِضِ فَلْيُطَالَعْ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْتَقِمْ مَا بَقِيَ مِنْ مَخْرَجِ فَرْضِ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ عَلَى مَسْأَلَةِ مَنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ (ضَرَبَ جَمِيعَ مَسْأَلَتِهِمْ) أَيْ مَسْأَلَةَ مَنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ (فِي مَخْرَجِ فَرْضِ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ) فَالْمَبْلَغُ الْحَاصِلُ مِنْ هَذَا الضَّرْبِ مَخْرَجُ فَرْضِ الْفَرِيقَيْنِ (كَأَرْبَعِ زَوْجَاتٍ وَتِسْعِ بَنَاتٍ وَسِتِّ جَدَّاتٍ) فَإِنَّ أَقَلَّ مَخْرَجِ فَرْضِ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ وَهُوَ الثَّمَانِيَةُ فَإِذَا دَفَعْنَاهُ ثُمُنَهَا إلَى الزَّوْجَاتِ بَقِيَ سَبْعَةٌ فَلَا يَسْتَقِيمُ عَلَى الْخَمْسَةِ الَّتِي هِيَ مَسْأَلَةُ مَنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ هَهُنَا؛ لِأَنَّ الْفَرْضَيْنِ ثُلُثَانِ وَسُدُسٌ بَلْ بَيْنَهُمَا مُبَايَنَةٌ فَيَضْرِبُ جَمِيعَ مَسْأَلَةِ مَنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَعْنِي الْخَمْسَةَ فِي مَخْرَجِ فَرْضِ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ وَهُوَ الثَّمَانِيَةُ فَيَبْلُغُ أَرْبَعِينَ فَهَذَا الْمَبْلَغُ مَخْرَجُ فُرُوضِ الْفَرِيقَيْنِ، فَإِذَا أَرَدْت أَنْ تَعْرِفَ حِصَّةَ كُلِّ فَرِيقٍ مِنْهُمَا مِنْ هَذَا الْمَبْلَغِ الَّذِي هُوَ مَخْرَجُ فُرُوضِهِمَا فَطَرِيقُهُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ثُمَّ يَضْرِبُ سِهَامَ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ) مِنْ أَقَلِّ مَخَارِجِ فَرْضِهِ (فِي مَسْأَلَةِ مَنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ) فَيَكُونُ الْحَاصِلُ نَصِيبَ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ مِنْ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ.
(وَ) يَضْرِبُ (سِهَامَ مَنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ) مِنْ مَسْأَلَتِهِمْ (فِيمَا بَقِيَ مِنْ مَخْرَجِ فَرْضِ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ) فَيَكُونُ الْحَاصِلُ نَصِيبَ ذَلِكَ الْفَرِيقِ مِمَّنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ حَقَّ كُلِّ فَرِيقٍ مِمَّنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ فِي الْبَاقِي مِنْ مَخْرَجِ فَرْضِ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ بِقَدْرِ سِهَامِهِمْ، فَفِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ لِلزَّوْجَةِ مِنْ ذَلِكَ الْمَخْرَجِ وَاحِدٌ فَإِذَا ضَرَبْنَاهُ فِي الْخَمْسَةِ الَّتِي هِيَ مَسْأَلَةُ مَنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ كَانَ الْحَاصِلُ خَمْسَةً فَهِيَ حَقُّ الزَّوْجَاتِ مِنْ أَرْبَعِينَ وَلِلْبَنَاتِ أَرْبَعَةٌ فَإِذَا ضَرَبْنَاهَا فِيمَا بَقِيَ مِنْ مَخْرَجِ فَرْضِ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ وَهُوَ سَبْعَةٌ بَلَغَ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ فَهِيَ لَهُنَّ مِنْ الْأَرْبَعِينَ، وَلِلْجَدَّاتِ وَاحِدٌ فَإِذَا ضَرَبْنَاهُ فِي السَّبْعَةِ كَانَ سَبْعَةً فَهِيَ لِلْجَدَّاتِ قَدْ اسْتَقَامَ بِهَذَا الْعَمَلِ فَرْضُ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ وَفَرْضُ كُلِّ فَرِيقٍ مِمَّنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ وَإِنْ انْكَسَرَ السِّهَامُ الْمَأْخُوذَةُ مِنْ مَخْرَجِ فُرُوضِ الْفَرِيقَيْنِ عَلَى الْبَعْضِ أَوْ الْجَمِيعِ (وَتُصَحَّحُ) الْمَسْأَلَةُ (بِالْأُصُولِ الْآتِيَةِ).

.فَصَلِّ فِي ذَوِي الْأَرْحَام:

(ذُو الرَّحِمِ) هُوَ فِي اللُّغَةِ بِمَعْنَى الْقَرَابَةِ مُطْلَقًا.
وَفِي الشَّرِيعَةِ (قَرِيبٌ لَيْسَ بِعَصَبَةٍ وَلَا ذِي سَهْمٍ) مُقَدَّرٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ سُنَّةِ رَسُولِهِ أَوْ إجْمَاعِ الْأُمَّةِ (وَيَرِثُ) ذُو الرَّحِمِ (كَمَا تَرِثُ الْعَصَبَةُ عِنْدَ عَدَمِ ذِي السَّهْمِ) وَعَدَمِ الْعَصَبَةِ إلَّا إذَا كَانَ ذُو السَّهْمِ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ فَيَرِثُ مَعَهُ بَعْدَ أَخْذِ فَرْضِهِ لِعَدَمِ الرَّدِّ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِعَدَمِ الْعَصَبَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكْفِي بِعَدَمِ ذِي السَّهْمِ فَعَلَى هَذَا لَوْ قَيَّدَهُ لَكَانَ أَصْوَبَ (فَمَنْ انْفَرَدَ مِنْهُمْ) فَمِنْهُمْ لَيْسَ بِصِلَةٍ انْفَرَدَ بَلْ بَيَانٌ لِمَنْ (أَحْرَزَ جَمِيعَ الْمَالِ) كَانَ عَامَّةُ الصَّحَابَةِ أَيْ أَكْثَرُهُمْ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ يَرَوْنَ تَوْرِيثَ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَهُوَ مَذْهَبُنَا.
وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ لَا مِيرَاثَ لَهُمْ وَيُوضَعُ الْمَالُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ.
لَنَا قَوْله تَعَالَى {وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} أَيْ أَوْلَى بِمِيرَاثِ بَعْضٍ بِالنَّقْلِ، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ» وَرُوِيَ «أَنَّ ثَابِتَ بْنَ دَحْدَاحٍ مَاتَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ: هَلْ تَعْرِفُونَ لَهُ فِيكُمْ نَسَبًا ؟ فَقَالَ: إنَّهُ كَانَ فِينَا غَرِيبًا فَلَا نَعْرِفُ لَهُ إلَّا ابْنَ أُخْتٍ هُوَ أَبُو لُبَابَةَ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِيرَاثَهُ لَهُ».
وَلِأَنَّ أَصْلَ الْقَرَابَةِ سَبَبٌ لِاسْتِحْقَاقِ الْإِرْثِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ إلَّا أَنَّ هَذِهِ الْقَرَابَةَ أَبْعَدُ مِنْ سَائِرِ الْقَرَابَاتِ فَتَأَخَّرَتْ عَنْهَا، وَالْمَالُ مَتَى كَانَ لَهُ مُسْتَحِقٌّ لَا يَجُوزُ صَرْفُهُ إلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَكَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ مِنْهُمْ ابْنُ شُرَيْحٍ خَالَفُوهُ وَذَهَبُوا إلَى تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَهُوَ اخْتِيَارُ فُقَهَائِهِمْ لِلْفَتْوَى فِي زَمَانِنَا لِفَسَادِ بَيْتِ الْمَالِ وَصَرْفِهِ فِي غَيْرِ الْمَصَارِفِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (وَيُرَجَّحُونَ بِقُرْبِ الدَّرَجَةِ ثُمَّ بِقُوَّةِ الْقَرَابَةِ)؛ لِأَنَّ إرْثَهُمْ بِطَرِيقِ الْعُصُوبَةِ فَيُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ عَلَى الْأَبْعَدِ وَمَنْ لَهُ قُوَّةُ الْقَرَابَةِ عَلَى غَيْرِهِ فِي كُلِّ صِنْفٍ كَمَا فِي الْعَصَبَاتِ (ثُمَّ بِكَوْنِ الْأَصْلُ وَارِثًا عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِهَةِ) إذَا اسْتَوَوْا فِي الدَّرَجَةِ، فَمَنْ يُدْلِي بِوَارِثٍ أَوْلَى مِنْ كُلِّ صِنْفٍ كَبِنْتِ بِنْتِ الِابْنِ أَوْلَى مِنْ ابْنِ الْبِنْتِ وَابْنِ بِنْتِ الِابْنِ أَوْلَى مِنْ ابْنِ بِنْتِ الْبِنْتِ لِأَنَّ الْوَارِثَ أَقْوَى قَرَابَةً مِنْ غَيْرِ الْوَارِثِ بِدَلِيلِ تَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْإِرْثِ وَالْمُدْلِي بِجِهَتَيْنِ أَوْلَى كَبَنِي الْأَعْيَانِ مَعَ بَنِي الْعِلَّاتِ.
(وَإِنْ اخْتَلَفَتْ) جِهَةُ الْقَرَابَةِ (فَلِقَرَابَةِ الْأَبِ الثُّلُثَانِ وَلِقَرَابَةِ الْأُمِّ الثُّلُثُ)؛ لِأَنَّ قَرَابَةَ الْأَبِ أَقْوَى فَيَكُونُ لَهُمْ الثُّلُثَانِ، وَالثُّلُثُ لِقَرَابَةِ الْأُمِّ، مِثَالُهُ أَبُو أُمِّ الْأَبِ وَأَبُو أَبِ الْأُمِّ وَهَذَا لَا يُتَصَوَّرُ فِي الْفُرُوعِ وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي الْأُصُولِ وَالْعَمَّاتِ وَالْأَخْوَالِ (ثُمَّ يُعْتَبَرُ التَّرْجِيحُ فِي كُلِّ فَرِيقٍ كَمَا لَوْ انْفَرَدَ) يَعْنِي إذَا كَانَ لِأَبِي الْمَيِّتِ جَدَّانِ مِنْ جِهَتَيْنِ وَكَذَلِكَ لِأُمِّهِ فَلِقَوْمِ الْأَبِ الثُّلُثَانِ وَلِقَوْمِ الْأُمِّ الثُّلُثُ ثُمَّ مَا أَصَابَ قَوْمُ الْأَبِ ثُلُثَاهُ لِقَرَابَتِهِ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ وَثُلُثُهُ لِقَرَابَتِهِ مِنْ جِهَةِ أُمِّهِ وَكَذَلِكَ مَا أَصَابَ قَوْمُ الْأُمِّ كَمَا لَوْ انْفَرَدَ أَيْضًا مِثَالُهُ أَبُو أُمِّ أَبِي الْأَبِ وَأَبُو أَبِي أُمِّ الْأَبِ وَأَبُو أُمِّ أَبِي الْأُمِّ وَأَبُو أَبِي أُمِّ الْأُمِّ (وَعِنْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْقُرْبِ وَالْقُوَّةِ وَالْجِهَةِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ)؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَوَارِيثِ تَفْضِيلُ الذَّكَرِ عَلَى الْأُنْثَى وَإِنَّمَا تُرِكَ هَذَا الْأَصْلُ فِي الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لِأُمٍّ لِلنَّصِّ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ.
(وَتُعْتَبَرُ أَبْدَانُ الْفُرُوعِ) الْمُتَسَاوِيَةِ الدَّرَجَاتِ (إنْ اتَّفَقَتْ صِفَةُ الْأُصُولِ) فِي الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ كَابْنِ الْبِنْتِ وَبِنْتِ الْبِنْتِ لِإِدْلَاءِ كُلِّهِمْ بِوَارِثٍ.
(وَكَذَا إنْ اخْتَلَفَتْ) صِفَةُ الْأُصُولِ (عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) وَحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ كَبِنْتِ ابْنِ الْبِنْتِ وَابْنِ بِنْتِ الْبِنْتِ لِخُلُوِّهِمْ عَنْ وَلَدِ الْوَارِثِ، فَإِنْ كَانَتْ الْفُرُوعُ ذُكُورًا فَقَطْ أَوْ إنَاثًا فَقَطْ تَسَاوَوْا فِي الْقِسْمَةِ، وَإِنْ كَانُوا مُخْتَلِفِينَ فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَلَا تُعْتَبَرُ فِي الْقِسْمَةِ صِفَاتُ أُصُولِهِمْ أَصْلًا وَهُوَ رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ عَنْ الْإِمَامِ (وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تُؤْخَذُ الصِّفَةُ مِنْ الْأُصُولِ وَالْعَدَدُ مِنْ الْفُرُوعِ وَيُقْسَمُ) الْمَالُ (عَلَى أَوَّلِ بَطْنٍ وَقَعَ فِيهِ الِاخْتِلَافُ) أَيْ اخْتِلَافُ الْأُصُولِ بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ (ثُمَّ يَجْعَلُ الذُّكُورَ) مِنْ ذَلِكَ الْبَطْنِ (عَلَى حِدَةٍ) وَيَجْعَلُ (الْإِنَاثَ عَلَى حِدَةٍ) بَعْدَ الْقِسْمَةِ عَلَى الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ (فَيَقْسِمُ نَصِيبَ كُلِّ طَائِفَةٍ عَلَى أَوَّلِ بَطْنٍ اخْتَلَفَ كَذَلِكَ إنْ كَانَ) فِيمَا بَيْنَهُمَا اخْتِلَافٌ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا اخْتِلَافٌ فِي الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ بِأَنْ يَكُونَ جَمِيعُ مَا تَوَسَّطَ بَيْنَهُمَا ذُكُورًا فَقَطْ أَوْ إنَاثًا فَقَطْ (دَفَعَ حِصَّةَ كُلِّ أَصْلٍ إلَى فَرْعِهِ) وَفِي السِّرَاجِيَّةِ وَشَرْحِهِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تُعْتَبَرُ أَبْدَانُ الْفُرُوعِ إنْ اتَّفَقَتْ صِفَةُ الْأُصُولِ مُوَافِقًا لَهُمَا، وَتُعْتَبَرُ الْأُصُولُ إنْ اخْتَلَفَتْ صِفَاتُهُمْ وَيُعْطِي الْفُرُوعَ مِيرَاثَ الْأُصُولِ مُخَالِفًا لَهُمَا كَمَا إذَا تَرَكَ ابْنَ بِنْتٍ وَبِنْتَ بِنْتٍ عِنْدَهُمَا الْمَالُ بَيْنَهُمَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ بِاعْتِبَارِ الْأَبْدَانِ أَيْ أَبْدَانِ الْفُرُوعِ وَصِفَاتِهِمْ فَثُلُثُ الْمَالِ لِابْنِ الْبِنْتِ وَثُلُثُهُ لِبِنْتِ الْبِنْتِ.
وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَكُونُ الْمَالُ بَيْنَهُمَا كَذَلِكَ لِأَنَّ صِفَةَ الْأُصُولِ مُتَّفِقَةٌ، وَلَوْ تَرَكَ بِنْتَ ابْنِ بِنْتٍ وَابْنَ بِنْتِ بِنْتٍ عِنْدَهُمَا الْمَالُ بَيْنَ الْفُرُوعِ أَثْلَاثًا بِاعْتِبَارِ الْأَبْدَانِ ثُلُثَاهُ لِلذَّكَرِ وَثُلُثُهُ لِلْأُنْثَى وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ الْمَالُ بَيْنَ الْأُصُولِ أَعْنِي فِي الْبَطْنِ الثَّانِي أَثْلَاثًا لِبِنْتِ ابْنِ الْبِنْتِ نَصِيبُ أَبِيهَا وَثُلُثُهُ لِابْنِ بِنْتِ الْبِنْتِ نَصِيبُ أُمِّهِ وَكَذَلِكَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ إذَا كَانَ فِي أَوْلَادِ الْبَنَاتِ بُطُونٌ مُخْتَلِفَةٌ يُقْسَمُ الْمَالُ عَلَى أَوَّلِ بَطْنٍ اخْتَلَفَ فِي الْأُصُولِ ثُمَّ تُجْعَلُ الذُّكُورُ طَائِفَةً وَالْإِنَاثُ طَائِفَةً بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَمَا أَصَابَ لِلذُّكُورِ مِنْ أَوَّلِ بَطْنٍ وَقَعَ فِيهِ الِاخْتِلَافُ يَجْمَعُ وَيُعْطِي فُرُوعَهُمْ بِسَحْبِ صِفَاتِهِمْ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ فُرُوعِهِمْ مِنْ الْأُصُولِ اخْتِلَافٌ فِي الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ بِأَنْ يَكُونَ جَمِيعُ مَا تَوَسَّطَ بَيْنَهُمَا ذُكُورًا فَقَطْ أَوْ إنَاثًا فَقَطْ، وَإِنْ كَانَ فِيمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْأُصُولِ اخْتِلَافٌ يُجْمَعُ مَا أَصَابَ الذُّكُورُ وَيُقْسَمُ عَلَى أَعْلَى الْخِلَافِ الَّذِي وَقَعَ فِي أَوْلَادِهِمْ، وَيَجْعَلُ الذُّكُورَ هَهُنَا أَيْضًا طَائِفَةً وَالْإِنَاثَ طَائِفَةً عَلَى قِيَاسِ مَا سَبَقَ وَكَذَلِكَ مَا أَصَابَ الْإِنَاثَ يُعْطِي فُرُوعَهُنَّ إنْ لَمْ تَخْتَلِفْ الْأُصُولُ الَّتِي بَيْنَهُمَا وَإِنْ اخْتَلَفَتْ يَجْمَعُ مَا أَصَابَ لَهُنَّ وَيَقْسِمُ عَلَى أَعْلَى الْخِلَافِ الَّذِي وَقَعَ فِي أَوْلَادِهِنَّ وَهَكَذَا يَعْمَلُ إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ وَتَمَامُهُ فِيهِمَا إنْ شِئْت فَلْيُرَاجَعْ (وَبِقَوْلِ مُحَمَّدٍ) وَهُوَ أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ الْإِمَامِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ لِأَبِي يُوسُفَ (يُفْتَى) وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَشَايِخَ بُخَارَى أَخَذُوا بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فِي مَسَائِلِ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَالْحَيْضِ لِأَنَّهُ أَيْسَرُ عَلَى الْمُفْتِي.
(وَيُقَدِّمُ جُزْءَ الْمَيِّتِ) أَيْ وَتَرْتِيبُهُمْ كَتَرْتِيبِ الْعَصَبَاتِ فَيُقَدِّمُ فُرُوعَهُ (وَهُمْ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ وَأَوْلَادُ بَنَاتِ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلْنَ ثُمَّ) يُقَدِّمُ (أَصْلَهُ) أَيْ أَصْلَ الْمَيِّتِ (وَهُمْ الْأَجْدَادُ الْفَاسِدُونَ) وَإِنْ عَلَوْا كَأَبِي أُمِّ الْمَيِّتِ وَأَبِي أُمِّهِ (وَالْجَدَّاتُ الْفَاسِدَاتُ) وَإِنْ عَلَوْنَ كَأُمِّ أَبِي أُمِّ الْمَيِّتِ وَأُمِّ أُمِّ أَبِي أُمِّهِ (ثُمَّ) يُقَدِّمُ (جُزْءَ أَبِيهِ وَهُمْ أَوْلَادُ الْأَخَوَاتِ) وَإِنْ سَفَلُوا سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الْأَوْلَادُ ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْأَخَوَاتُ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ (وَأَوْلَادُ الْإِخْوَةِ لِأُمٍّ وَبَنَاتِ الْإِخْوَةِ) وَإِنْ سَفَلْنَ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأُخُوَّةُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا (ثُمَّ) يُقَدِّمُ (جُزْءَ جَدِّهِ وَهُمْ الْعَمَّاتُ وَالْخَالَاتُ وَالْأَخْوَالُ وَالْأَعْمَامُ لِأُمٍّ) فَإِنَّهُمْ إخْوَةٌ لِأَبِيهِ مِنْ أُمِّهِ وَاعْتُبِرَ فِيهِمْ كَوْنُهُمْ لِأُمٍّ؛ لِأَنَّ الْعَمَّ مِنْ الْأَبَوَيْنِ أَوْ مِنْ الْأَبِ عَصَبَةٌ (وَبَنَاتُ الْأَعْمَامِ) مُطْلَقًا (ثُمَّ أَوْلَادَ هَؤُلَاءِ ثُمَّ جُزْءَ جَدِّ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ وَهُمْ عَمَّاتُ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ وَخَالَاتُهُمَا وَأَخْوَالُهُمَا وَأَعْمَامُ الْأَبِ لِأُمٍّ وَأَعْمَامُ الْأُمِّ وَبَنَاتُ أَعْمَامِهِمَا وَأَوْلَادُ أَعْمَامِ الْأُمِّ) فَإِنَّ جَمِيعَهَا مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَرُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ أَقْرَبَ الْأَصْنَافِ إلَى الْمَيِّتِ وَأَقْدَمَهُمْ فِي الْوِرَاثَةِ عَنْهُ هُوَ الصِّنْفُ الثَّانِي وَهُمْ السَّاقِطُونَ مِنْ الْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ وَإِنْ عَلَوْنَ ثُمَّ الصِّنْفُ الْأَوَّلُ وَإِنْ سَفَلُوا ثُمَّ الثَّالِثُ وَإِنْ نَزَلُوا ثُمَّ الرَّابِعُ وَإِنْ بَعُدُوا وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ وَالْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْهُ وَابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْهُ أَنَّ أَقْرَبَ الْأَصْنَافِ الْأَوَّلُ ثُمَّ الثَّانِي ثُمَّ الثَّالِثُ ثُمَّ الرَّابِعُ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ لِلْفَتْوَى وَعِنْدَهُمَا الثَّالِثُ وَهُمْ أَوْلَادُ الْأَخَوَاتِ وَبَنَاتُ الْإِخْوَةِ وَبَنُو الْإِخْوَةِ لِأُمٍّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْجَدِّ أَبِي الْأُمِّ وَتَمَامُهُ مُبَيَّنٌ فِي شُرُوحِ الْفَرَائِضِ فَلْيُطَالَعْ.

.فَصَلِّ: في الغرقى والهدمى:

(وَالْغَرْقَى) جَمْعُ الْغَرِيقِ (وَالْهَدْمَى) أَيْ الطَّائِفَةُ الَّتِي هُدِمَ عَلَيْهِمْ جِدَارٌ أَوْ غَيْرُهُ وَكَذَلِكَ الْحَرْقَى (إذَا لَمْ يُعْلَمْ أَيُّهُمْ مَاتَ أَوَّلًا) كَمَا إذَا غَرِقُوا فِي السَّفِينَةِ مَعًا أَوْ وَقَعُوا فِي النَّارِ دَفْعَةً أَوْ سَقَطَ عَلَيْهِمْ جِدَارٌ أَوْ سَقْفُ بَيْتٍ عِيَاذًا بِهِ تَعَالَى أَوْ قُتِلُوا فِي الْمَعْرَكَةِ وَلَمْ يُعْلَمْ التَّقَدُّمُ وَالتَّأْخِيرُ فِي مَوْتِهِمْ جُعِلُوا كَأَنَّهُمْ مَاتُوا مَعًا (يُقْسَمُ مَالُ كُلٍّ عَلَى وَرَثَتِهِ الْأَحْيَاءِ وَلَا يَرِثُ بَعْضُ) هَؤُلَاءِ (الْأَمْوَاتِ مِنْ بَعْضٍ) هَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَنَا لِأَنَّهُ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا وَعَلِيٍّ فِي الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ، وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْإِرْثَ يُبْتَنَى عَلَى التَّيَقُّنِ بِسَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ وَشَرْطِهِ وَهُوَ حَيَاةُ الْوَارِثِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَمَّا لَمْ يَتَيَقَّنْ بِوُجُودِ الشَّرْطِ لَمْ يَثْبُتْ الْإِرْثُ بِالشَّكِّ.
وَفِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ لَيْلَى يَرِثُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ إلَّا مِمَّنْ وَرِثَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ مَالِ صَاحِبِهِ فَإِنَّهُ لَا يَرِثُ مِنْهُ صُورَتُهُ رَجُلٌ وَابْنُهُ انْهَدَمَ الْحَائِطُ عَلَيْهِمَا وَلَمْ يُدْرَ أَيُّهُمَا مَاتَ أَوَّلًا وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا امْرَأَةٌ وَابْنٌ وَتَرَكَ كُلٌّ مِنْهُمَا سِتَّةَ عَشَرَ دِينَارًا فَعَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ تَرِكَتُهُ بَيْنَ زَوْجَتِهِ وَابْنِهِ الْحَيِّ، وَكَذَا تَرِكَةُ الِابْنِ إنْ لَمْ تَكُنْ زَوْجَةُ أَبِيهِ أُمَّهُ وَإِنْ كَانَتْ فَيُزَادُ لَهَا الثُّلُثُ، وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ لِلزَّوْجَةِ مِنْ تَرِكَةِ الْأَبِ الثُّمُنُ وَالْبَاقِي بَيْنَ ابْنِهِ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ بِالسَّوِيَّةِ فَيُصِيبُ الْمَيِّتَ سَبْعَةُ دَنَانِيرَ، وَأَمَّا تَرِكَةُ الِابْنِ فَلِزَوْجَتِهِ مِنْهَا الثُّمُنُ وَلِأَبِيهِ السُّدُسُ وَلِزَوْجَةِ أَبِيهِ إنْ كَانَتْ أُمَّهُ أَيْضًا السُّدُسُ وَالْبَاقِي لِلِابْنِ فِي الْحَالَيْنِ فَمَا أَصَابَ أَبَاهُ مِنْ تَرِكَتِهِ وَهُوَ دِينَارٌ وَثُلُثَا دِينَارٍ يُقْسَمُ بَيْنَ وَرَثَةِ أَبِيهِ سِوَى الِابْنِ الْمَيِّتِ وَمَا أَصَابَهُ مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ وَهُوَ سَبْعَةُ دَنَانِيرَ يُقْسَمُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ سِوَى الْأَبِ الْمَيِّتِ.
(وَإِنْ اجْتَمَعَ ابْنَا عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ أَعْطَى السُّدُسَ) لَهُ (فَرْضًا ثُمَّ اقْتَسَمَا) أَيْ ابْنَا الْعَمِّ (الْبَاقِيَ عُصُوبَةً) كَمَا مَرَّ.
(وَلَا يَرِثُ الْمَجُوسِيُّ بِالْأَنْكِحَةِ الْبَاطِلَةِ) أَيْ إذَا تَزَوَّجَ الْمَجُوسِيُّ أُمَّهُ أَوْ غَيْرَهَا مِنْ الْمَحَارِمِ لَا يَرِثُ مِنْهَا بِالنِّكَاحِ.
(وَإِنْ اجْتَمَعَ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَجُوسِيِّ (قَرَابَتَانِ لَوْ انْفَرَدَا) وَالظَّاهِرُ لَوْ انْفَرَدَتَا (فِي شَخْصَيْنِ وَرِثَا) أَيْ الشَّخْصَانِ (بِهِمَا) أَيْ بِالْقَرَابَتَيْنِ (وَيَرِثُ) ذَلِكَ الْمَجُوسِيُّ الَّذِي اجْتَمَعَ فِيهِ فِيهِ قَرَابَتَانِ (بِهِمَا) أَيْ بِالْقَرَابَتَيْنِ (وَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا) أَيْ إحْدَى الْقَرَابَتَيْنِ (تَحْجُبُ الْأُخْرَى يَرِثُ بِالْحَاجِبَةِ) يَعْنِي لَوْ اجْتَمَعَتْ فِي الْمَجُوسِيِّ قَرَابَتَانِ لَوْ تَفَرَّقَتَا فِي شَخْصَيْنِ حَجَبَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى يَرِثُ بِالْحَاجِبَةِ وَإِنْ لَمْ تَحْجُبْ يَرِثُ بِالْقَرَابَتَيْنِ.
(وَيُوقَفُ لِلْحَمْلِ نَصِيبُ ابْنٍ وَاحِدٍ) وَ (هُوَ الْمُخْتَارُ) وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَذَلِكَ لِأَنَّ مِنْ الْمُعْتَادِ الْغَالِبِ أَنْ لَا تَلِدَ الْمَرْأَةُ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ إلَّا وَلَدًا وَاحِدًا فَيُبْنَى عَلَيْهِ الْحُكْمُ مَا لَمْ يُعْلَمْ خِلَافُهُ (وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ نَصِيبُ ابْنَيْنِ) وَفِي السِّرَاجِيَّةِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُوقَفُ نَصِيبُ ثَلَاثَةِ بَنِينَ رَوَاهُ لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ لَكِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ لَيْسَتْ مَوْجُودَةً فِي شُرُوحِ الْأَصْلِ وَلَا فِي عَامَّةِ الرِّوَايَاتِ.
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ نَصِيبُ ابْنَيْنِ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَوَاهُ عَنْهُ هِشَامٌ وَرَوَى الْخَصَّافُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ نَصِيبَ ابْنٍ وَاحِدٍ كَمَا فِي الْمَتْنِ فَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَكَانَ أَوْلَى وَعِنْدَ الْإِمَامِ نَصِيبُ أَرْبَعَةِ بَنِينَ (فَإِنْ خَرَجَ أَكْثَرُهُ) أَيْ أَكْثَرُ الْحَمْلِ (حَيًّا وَمَاتَ وَرِثَ) لِأَنَّ الْأَكْثَرَ لَهُ حُكْمُ الْكُلِّ فَكَأَنَّهُ خَرَجَ كُلُّهُ حَيًّا.
(وَإِنْ) خَرَجَ (أَقَلُّهُ) وَظَهَرَ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْعَلَامَاتِ ثُمَّ مَاتَ (فَلَا) يَرِثُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا خَرَجَ أَكْثَرُهُ مَيِّتًا فَكَأَنَّهُ خَرَجَ كُلُّهُ مَيِّتًا، وَإِنْ خَرَجَ مُسْتَقِيمًا وَهُوَ أَنْ يَخْرُجَ رَأْسُهُ أَوَّلًا فَالْمُعْتَبَرُ صَدْرُهُ يَعْنِي إذَا خَرَجَ صَدْرُهُ كُلُّهُ وَإِنْ خَرَجَ مَنْكُوسًا وَهُوَ أَنْ يَخْرُجَ رِجْلُهُ أَوَّلًا فَالْمُعْتَبَرُ سُرَّتُهُ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ السُّرَّةُ لَمْ يَرِثْ.

.فَصَلِّ فِي الْمُنَاسَخَة:

(الْمُنَاسَخَةُ) هِيَ مُفَاعَلَةٌ مِنْ النَّسْخِ بِمَعْنَى النَّقْلِ وَالتَّحْوِيلِ وَالْمُرَادُ بِهَا هَهُنَا أَنْ يُنْقَلَ نَصِيبُ بَعْضِ الْوَرَثَةِ بِمَوْتِهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ إلَى مَنْ يَرِثُ مِنْهُ وَعَنْ هَذَا قَالَ (أَنْ يَمُوتَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ) فَإِنْ كَانَ وَرَثَةُ الْمَيِّتِ الثَّانِي مِنْ عِدَادِ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَقَعْ فِي الْقِسْمَةِ تَغَيُّرٌ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ الْمَالُ حِينَئِذٍ قِسْمَةً وَاحِدَةً إذْ لَا فَائِدَةَ فِي تَكْرَارِهَا كَمَا إذَا تَرَكَ بَنِينَ وَبَنَاتَ مِنْ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ مَاتَتْ إحْدَى الْبَنَاتِ وَلَا وَارِثَ لَهَا سِوَى تِلْكَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ مَجْمُوعُ التَّرِكَةِ بَيْنَ الْبَاقِينَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ قِسْمَةً وَاحِدَةً كَمَا كَانَتْ، يُقْسَمُ بَيْنَ الْجَمِيعِ كَذَلِكَ فَكَأَنَّ الْمَيِّتَ الثَّانِيَ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَنِينَ، وَإِنْ وَقَعَ تَغَيُّرٌ فِي الْقِسْمَةِ بَيْنَ الْبَاقِينَ كَمَا إذَا تَرَكَ ابْنًا مِنْ امْرَأَةٍ وَثَلَاثَ بَنَاتٍ مِنْ امْرَأَةٍ أُخْرَى ثُمَّ مَاتَتْ إحْدَى الْبَنَاتِ وَخَلَفَتْ هَؤُلَاءِ أَعْنِي الْأَخَ لِأَبٍ وَالْأُخْتَيْنِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ أَوْ كَانَ وَرَثَةُ الْمَيِّتِ الثَّانِي غَيْرَ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ كَزَوْجٍ وَبِنْتٍ وَأُمٍّ فَمَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ عَنْ امْرَأَةٍ وَأَبَوَيْنِ ثُمَّ مَاتَتْ الْبِنْتُ قَبْلَهَا أَيْضًا عَنْ ابْنَيْنِ وَبِنْتٍ وَجَدَّةٍ هِيَ أُمُّ الْمَرْأَةِ الَّتِي مَاتَتْ أَوَّلًا ثُمَّ مَاتَتْ هَذِهِ الْجَدَّةُ عَنْ زَوْجٍ وَأَخَوَيْنِ (فَصَحِّحْ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى) وَيُعْطَى سِهَامُ كُلِّ وَارِثٍ مِنْ هَذَا التَّصْحِيحِ (ثُمَّ) صَحِّحْ الْمَسْأَلَةَ (الثَّانِيَةَ) وَتَنْظُرُ بَيْنَ مَا فِي يَدِهِ مِنْ التَّصْحِيحِ الْأَوَّلِ وَبَيْنَ التَّصْحِيحِ الثَّانِي فِي ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ هِيَ: الْمُمَاثَلَةُ، وَالْمُوَافَقَةُ، وَالْمُبَايَنَةُ.
(فَإِنْ اسْتَقَامَ) بِسَبَبِ الْمُمَاثَلَةِ (نَصِيبُ الْمَيِّتِ الثَّانِي) مِنْ فَرِيضَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ (عَلَى مَسْأَلَتِهِ) فَبِهَا وَنِعْمَتْ؛ لِأَنَّ التَّصْحِيحَ الْأَوَّلَ هَهُنَا بِمَنْزِلَةِ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ هُنَاكَ وَالتَّصْحِيحُ الثَّانِي هَهُنَا بِمَنْزِلَةِ رُءُوسِ الْمَقْسُومِ عَلَيْهِ ثَمَّةَ، وَمَا فِي يَدِ الْمَيِّتِ الثَّانِي بِمَنْزِلَةِ سِهَامِهِمْ مِنْ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ، فَفِي صُورَةِ الِاسْتِقَامَةِ تَصِحُّ الْمَسْأَلَتَانِ مِنْ التَّصْحِيحِ الْأَوَّلِ كَمَا إذَا مَاتَ الزَّوْجُ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ عَنْ امْرَأَةٍ وَأَبَوَيْنِ؛ لِأَنَّ أَصْلَهَا اثْنَا عَشَرَ فَإِذَا أَخَذَ الزَّوْجُ مِنْهَا ثَلَاثَةً وَالْبِنْتُ سِتَّةً وَالْأُمُّ اثْنَيْنِ بَقِيَ مِنْهَا وَاحِدٌ يَجِبُ رَدُّهَا عَلَى الْبِنْتِ وَالْأُمِّ بِقَدْرِ سِهَامِهِمَا فَإِذَا رَدَدْنَا الْمَسْأَلَةَ إلَى أَقَلِّ مَخَارِجِ فَرْضِ مَنْ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ صَارَتْ أَرْبَعَةً، فَإِذَا أَخَذَ الزَّوْجُ مِنْهَا وَاحِدًا بَقِيَ ثَلَاثَةٌ فَلَا يَسْتَقِيمُ عَلَى الْأَرْبَعَةِ الَّتِي هِيَ سِهَامُ الْبِنْتِ وَالْأُمِّ بَيْنَهُمَا مُبَايَنَةٌ فَيَضْرِبُ هَذِهِ السِّهَامَ الَّتِي هِيَ بِمَنْزِلَةِ الرُّءُوسِ فِي ذَلِكَ الْأَقَلِّ فَيَحْصُلُ سِتَّةَ عَشَرَ فَلِلزَّوْجِ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ وَلِلْبِنْتِ تِسْعَةٌ وَلِلْأُمِّ ثَلَاثَةٌ، ثُمَّ تِلْكَ الْأَرْبَعَةُ الَّتِي هِيَ لِلزَّوْجِ مُنْقَسِمَةٌ عَلَى وَرَثَتِهِ الْمَذْكُورِينَ فَلِزَوْجَتِهِ وَاحِدٌ مِنْهَا، وَلِأُمِّهِ ثُلُثُ مَا يَبْقَى وَهُوَ أَيْضًا وَاحِدٌ، وَلِأَبِيهِ اثْنَانِ فَاسْتَقَامَ مَا فِي يَدِ الزَّوْجِ مِنْ التَّصْحِيحِ الْأَوَّلِ عَلَى التَّصْحِيحِ الثَّانِي وَصَحَّتْ الْمَسْأَلَتَانِ مِنْ التَّصْحِيحِ الْأَوَّلِ.
(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْتَقِمْ نَصِيبُ الْمَيِّتِ الثَّانِي مِنْ فَرِيضَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ عَلَى مَسْأَلَتِهِ (فَاضْرِبْ وَفْقَ التَّصْحِيحِ الثَّانِي فِي) جَمِيعِ (التَّصْحِيحِ الْأَوَّلِ إنْ وَافَقَ نَصِيبُهُ مَسْأَلَتَهُ)؛ لِأَنَّ فِي التَّصْحِيحِ إذَا انْكَسَرَ سِهَامُ طَائِفَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَيْهِمْ وَكَانَ بَيْنَ سِهَامِهِمْ وَرُءُوسِهِمْ مُوَافَقَةٌ يَضْرِبُ وَفْقَ عَدَدِ الرُّءُوسِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ فَكَذَا هُنَا يَضْرِبُ وَفْقَ التَّصْحِيحِ الثَّانِي الَّذِي هُوَ بِمَنْزِلَةِ الرُّءُوسِ هُنَاكَ فِي التَّصْحِيحِ الْأَوَّلِ الْقَائِمِ هُنَا مَقَامَ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ فَيَحْصُلُ بِهِ مَا تَصِحُّ مِنْهُ الْمَسْأَلَتَانِ كَمَا إذَا مَاتَتْ الْبِنْتُ أَيْضًا فِي ذَلِكَ الْمِثَالِ وَخَلَفَتْ كَمَا ذُكِرَ ابْنَيْنِ وَبِنْتًا وَجَدَّةً فَإِنَّ مَا فِي يَدِهَا فِي التَّصْحِيحِ الْأَوَّلِ تِسْعَةً وَتَصْحِيحُ مَسْأَلَتِهَا سِتَّةٌ وَبَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ بِالثُّلُثِ فَيَضْرِبُ ثُلُثَ السِّتَّةِ وَهُوَ اثْنَانِ فِي سِتَّةَ عَشَرَ فَالْمَبْلَغُ وَهُوَ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ مَخْرَجُ الْمَسْأَلَتَيْنِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْ نَصِيبُهُ مَسْأَلَتَهُ (فَاضْرِبْ كُلَّ) التَّصْحِيحِ (الثَّانِي فِي) كُلِّ التَّصْحِيحِ (الْأَوَّلِ) عَلَى قِيَاسِ مَا فِي بَابِ التَّصْحِيحِ عَلَى تَقْدِيرِ الْمُبَايَنَةِ بَيْنَ رُءُوسِ الطَّائِفَةِ وَبَيْنَ سِهَامِهِمْ (فَالْحَاصِلُ مِنْ الضَّرْبِ مَخْرَجُ الْمَسْأَلَتَيْنِ) كَمَا إذَا مَاتَتْ فِي ذَلِكَ الْمِثَالِ الْجَدَّةُ الَّتِي هِيَ أُمُّ الْمَرْأَةِ الْمُتَوَفَّاةِ أَوَّلًا وَخَلَفَتْ زَوْجًا وَأَخَوَيْنِ فَإِنَّ مَا فِي يَدِهَا تِسْعَةً كَمَا عَرَفْت آنِفًا، وَتَصْحِيحُ مَسْأَلَتِهَا أَرْبَعَةٌ، وَبَيْنَ التِّسْعَةِ وَالْأَرْبَعَةِ مُبَايَنَةٌ فَاضْرِبْ حِينَئِذٍ الْأَرْبَعَةَ فِي التَّصْحِيحِ السَّابِقِ أَعْنِي اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ يَبْلُغُ مِائَةً وَثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ فَهِيَ مَخْرَجُ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَتَمَامُهُ فِي السَّيِّدِ الشَّرِيفِ (ثُمَّ اضْرِبْ سِهَامَ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ) مِنْ تَصْحِيحِ مَسْأَلَتِهِ (فِي وَفْقِ التَّصْحِيحِ الثَّانِي) عَلَى تَقْدِيرِ الْمُوَافَقَةِ (أَوْ فِي كُلِّهِ) عَلَى تَقْدِيرِ الْمُبَايَنَةِ فَيَكُونُ الْحَاصِلُ مِنْ ضَرْبِ سِهَامِ كُلِّ وَارِثٍ مِنْهُمْ فِي هَذَا الْمَضْرُوبِ نَصِيبَهُ مِنْ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ، وَالسَّبَبُ أَنَّ التَّصْحِيحَ الثَّانِيَ وَوَفْقَهُ هَهُنَا بِمَنْزِلَةِ الضُّرُوبِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ ثَمَّةَ (وَ) اضْرِبْ (سِهَامَ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ الثَّانِي) مِنْ تَصْحِيحِ مَسْأَلَتِهِ (فِي وَفْقِ مَا فِي يَدِهِ) عَلَى تَقْدِيرِ الْمُوَافَقَةِ (أَوْ فِي كُلِّهِ) عَلَى تَقْدِيرِ الْمُبَايَنَةِ (فَمَا خَرَجَ فَهُوَ) أَيْ الْحَاصِلُ مِنْ هَذَا الضَّرْبِ (نَصِيبُ كُلِّ فَرِيقٍ) لِأَنَّ حَقَّ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ الثَّانِي إنَّمَا هُوَ فِيمَا فِي يَدِهِ فَصَارَ سِهَامُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَضْرُوبَةً فِيهِ.
(فَإِنْ مَاتَ ثَالِثٌ) مِنْ الْوَرَثَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ (فَاجْعَلْ الْمَبْلَغَ) الَّذِي صَحَّ مِنْهُمْ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ (مَكَانَ الْأُولَى وَالثَّالِثَ مَكَانَ الثَّانِي) فِي الْعَمَلِ، كَأَنَّ الْمَيِّتَ الْأَوَّلَ وَالثَّانِي صَارَا مَيِّتًا وَاحِدًا فَيَصِيرُ الْمَيِّتُ الثَّالِثُ مَيِّتًا ثَانِيًا.
(وَكَذَا تَفْعَلُ إنْ مَاتَ رَابِعٌ أَوْ خَامِسٌ وَهَلُمَّ جَرَّا) إلَى غَيْرِ النِّهَايَةِ فَإِنَّهُ لَمَّا صَارَ تَصْحِيحُ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَالثَّالِثِ تَصْحِيحًا وَاحِدًا صَارُوا كُلُّهُمْ مَيِّتًا وَاحِدًا فَيَصِيرُ الْمَيِّتُ الرَّابِعُ مَيِّتًا ثَانِيًا، وَكَذَا الْحَالُ إذَا صَارَ تَصْحِيحُ أَرْبَعَةٍ مِنْ الْمَوْتَى تَصْحِيحًا وَاحِدًا كَانُوا بِمَنْزِلَةِ مَيِّتٍ وَاحِدٍ فَصَارَ الْخَامِسُ مَيِّتًا ثَانِيًا وَهَكَذَا إلَى مَا لَا يَتَنَاهَى وَتَفْصِيلُ هَذَا الْبَابِ فِي شَرْحِ الْفَرَائِضِ لِلسَّيِّدِ فَلْيُرَاجَعْ.

.حِسَاب الْفَرَائِض:

(الْفُرُوضُ) السِّتَّةُ الْمَذْكُورَةُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى (نَوْعَانِ) عَلَى التَّنْصِيفِ إنْ بَدَأْت بِالْأَكْثَرِ، أَوْ عَلَى التَّضْعِيفِ إنْ بَدَأْت بِالْأَقَلِّ فَثَلَاثَةٌ مِنْهَا نَوْعٌ وَثَلَاثَةٌ أُخْرَى نَوْعٌ آخَرُ (الْأَوَّلُ النِّصْفُ وَنِصْفُهُ) أَيْ نِصْفُ النِّصْفِ (وَهُوَ الرُّبُعُ وَنِصْفُ نِصْفِهِ) أَيْ نِصْفُ الرُّبُعِ (وَهُوَ الثُّمُنُ وَ) النَّوْعُ (الثَّانِي الثُّلُثَانِ وَنِصْفُهُمَا) أَيْ نِصْفُ الثُّلُثَيْنِ (وَهُوَ الثُّلُثُ وَنِصْفُ نِصْفِهِمَا) أَيْ نِصْفُ نِصْفِ الثُّلُثَيْنِ (وَهُوَ السُّدُسُ فَالنِّصْفُ يَخْرُجُ مِنْ اثْنَيْنِ وَالرُّبُعُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَالثُّمُنُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَالثُّلُثَانِ وَالثُّلُثُ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَالسُّدُسُ مِنْ سِتَّةٍ) فَإِنَّ لِمَخْرَجِ كُلِّ فَرْضٍ مِنْ هَذِهِ الْفُرُوضِ سَمِيَّهُ مِنْ الْأَعْدَادِ إذْ الرُّبُعُ سَمِيُّهُ الْأَرْبَعَةُ.
وَكَذَا الْبَاقِي إلَّا النِّصْفَ فَإِنَّهُ مِنْ اثْنَيْنِ وَالِاثْنَانِ لَيْسَ سَمِيًّا لِلنِّصْفِ، فَإِنْ كَانَ فِي مَسْأَلَةِ النِّصْفِ فَقَطْ كَمَا فِيمَنْ خَلَّفَ بِنْتًا وَأَخًا لِأَبٍ وَأُمٍّ فَهِيَ مِنْ اثْنَيْنِ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا الرُّبُعُ وَحْدَهُ كَمَا فِيمَنْ تَرَكَتْ الزَّوْجَ مَعَ الِابْنِ كَانَتْ مِنْ أَرْبَعَةٍ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا الثُّمُنُ فَقَطْ كَمَا فِيمَنْ تَرَكَ الزَّوْجَةَ وَالِابْنَ كَانَتْ مِنْ ثَمَانِيَةٍ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا الثُّلُثُ وَحْدَهُ كَمَا إذَا تَرَكَ أُمًّا وَأَخًا لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا الثُّلُثَانِ فَقَطْ كَمَا إذَا تَرَكَ بِنْتَيْنِ وَعَمًّا فَهِيَ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَإِنْ كَانَ فِيهَا السُّدُسُ فَقَطْ كَمَا إذَا تَرَكَ أَبًا وَابْنًا فَهِيَ مِنْ سِتَّةٍ.
(وَإِنْ اخْتَلَطَ النِّصْفُ) مِنْ النَّوْعِ الْأَوَّلِ (بِالنَّوْعِ الثَّانِي) كُلِّهِ أَيْ بِالثُّلُثَيْنِ وَالثُّلُثِ وَالسُّدُسِ كَمَا إذَا تَرَكَتْ زَوْجًا وَأُمًّا وَأُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَأُخْتَيْنِ لِأُمٍّ (أَوْ) اخْتَلَطَ (بِبَعْضِهِ) أَيْ بَعْضِ النَّوْعِ الثَّانِي كَمَا إذَا اخْتَلَطَ النِّصْفُ بِالثُّلُثِ فَقَطْ أَوْ بِالثُّلُثَيْنِ فَقَطْ أَوْ بِالسُّدُسِ وَحْدَهُ أَوْ بِالثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ مَعًا أَوْ بِالثُّلُثَيْنِ وَالسُّدُسِ مَعًا أَوْ بِالثُّلُثِ وَالسُّدُسِ مَعًا (فَمِنْ سِتَّةٍ) أَيْ فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ لِأَنَّ مَخْرَجَ النِّصْفِ اثْنَانِ وَمَخْرَجَ الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ ثَلَاثَةٌ وَكِلَاهُمَا دَاخِلَانِ فِي السِّتَّةِ فَهِيَ مَخْرَجُ النِّصْفِ الْمُخْتَلِطِ بِفُرُوضِ النَّوْعِ الثَّانِي عَلَى جَمِيعِ الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ وَأَيْضًا بَيْنَ مَخْرَجِ النِّصْفِ وَالثُّلُثِ مُبَايَنَةٌ فَإِذَا ضُرِبَ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ حَصَلَ سِتَّةٌ فَهِيَ مَخْرَجٌ لَهُمَا.
(أَوْ) اخْتَلَطَ (الرُّبُعُ) مِنْ النَّوْعِ الْأَوَّلِ بِكُلِّ الثَّانِي كَمَا إذَا خَلَّفَ زَوْجَةً وَأُمًّا وَأُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَأُخْتَيْنِ لِأُمٍّ أَوْ بِبَعْضِهِ كَمَا إذَا اخْتَلَطَ بِالثُّلُثَيْنِ فَقَطْ أَوْ بِالثُّلُثِ فَقَطْ أَوْ بِالسُّدُسِ فَقَطْ أَوْ بِالثُّلُثَيْنِ وَالسُّدُسِ مَعًا أَوْ بِالثُّلُثَيْنِ وَالثُّلُثِ أَوْ بِالثُّلُثِ وَالسُّدُسِ مَعًا (فَمِنْ اثْنَيْ عَشَرَ) فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ؛ لِأَنَّ مَخْرَجَ أَقَلِّ جُزْءٍ مِنْ النَّوْعِ الثَّانِي هُوَ السِّتَّةُ وَقَدْ دَخَلَ فِيهَا مَخْرَجُ الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ فَاكْتَفَيْنَا بِهَا مَخْرَجًا لِلْكُلِّ.
(أَوْ) اخْتَلَطَ (الثُّمُنُ) مِنْ النَّوْعِ الْأَوَّلِ بِكُلِّ الثَّانِي هَذَا إنَّمَا يُتَصَوَّرُ عَلَى رَأْيِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، وَأَمَّا عَلَى رَأْيِنَا فَهُوَ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ كَمَا قُرِّرَ فِي مَوْضِعِهِ، أَوْ بِبَعْضِهِ كَمَا إذَا اخْتَلَطَ بِالثُّلُثَيْنِ وَالسُّدُسِ أَوْ بِالثُّلُثِ وَالسُّدُسِ عَلَى رَأْيِهِ أَوْ بِالثُّلُثَيْنِ وَالثُّلُثِ عَلَى رَأْيِهِ أَوْ بِالثُّلُثَيْنِ فَقَطْ أَوْ بِالسُّدُسِ فَقَطْ أَوْ بِالثُّلُثِ فَقَطْ (فَمِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ) أَيْ فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ؛ لِأَنَّ مَخْرَجَ أَقَلِّ جُزْءٍ مِنْ النَّوْعِ الثَّانِي هُوَ السِّتَّةُ الَّتِي دَخَلَ فِيهَا مَخْرَجُ الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ فَوَجَبَ الِاكْتِفَاءُ بِهَا لِمَا عَرَفْت وَبَيْنَ السِّتَّةِ وَمَخْرَجِ الثُّمُنِ أَعْنِي الثَّمَانِيَةَ مُوَافَقَةٌ بِالنِّصْفِ فَضَرَبْنَا نِصْفَ أَحَدَيْهِمَا فِي كُلِّ الْأُخْرَى فَحَصَلَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَأَيْضًا بَيْنَ مَخْرَجِ الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ وَمَخْرَجِ الثُّمُنِ مُبَايَنَةٌ فَضَرَبْنَا الْكُلَّ فِي الْكُلِّ فَصَارَ الْحَاصِلُ أَيْضًا أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ فَمِنْهَا تَخْرُجُ الْفُرُوضُ الْمُخْتَلِطَةُ بِالثُّمُنِ.
(وَإِذَا انْكَسَرَ سِهَامُ فَرِيقٍ عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى الْوَرَثَةِ مِنْ ذَلِكَ الْفَرِيقِ (وَبَايَنَتْ سِهَامُهُمْ) أَيْ سِهَامَ مَنْ انْكَسَرَ عَلَيْهِمْ (عَدَدَهُمْ فَاضْرِبْ عَدَدَهُمْ) أَيْ كُلَّ عَدَدِ رُءُوسِ مَنْ انْكَسَرَ عَلَيْهِمْ السِّهَامُ (فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ) إنْ لَمْ تَكُنْ عَائِلَةً وَفِي أَصْلِهَا مَعَ عَوْلِهَا إنْ كَانَتْ عَائِلَةً (كَامْرَأَةٍ وَأَخَوَيْنِ) أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةٌ فَإِذَا أَخَذَتْ الْمَرْأَةُ مِنْهَا وَاحِدًا بَقِيَ ثَلَاثَةٌ وَلَا يَسْتَقِيمُ عَلَى الْأَخَوَيْنِ وَبَيْنَهُمَا مُبَايَنَةٌ فَضَرَبْنَا الِاثْنَيْنِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ فَحَصَلَ ثَمَانِيَةٌ فَلِلْمَرْأَةِ مِنْ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَاحِدٌ ضَرَبْنَاهَا فِي الِاثْنَيْنِ فَلَمْ يَتَغَيَّرْ فَالِاثْنَانِ لَهَا وَلِلْأَخَوَيْنِ مِنْ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةٌ ضَرَبْنَاهَا فِي الِاثْنَيْنِ فَحَصَلَ سِتَّةٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ ثَلَاثَةٌ مِنْهَا (وَإِنْ وَافَقَ سِهَامُهُمْ عَدَدَهُمْ فَاضْرِبْ وَفْقَ عَدَدِهِمْ) أَيْ عَدَدِ رُءُوسِ مَنْ انْكَسَرَ عَلَيْهِمْ السِّهَامُ (فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ) إنْ لَمْ تَكُنْ عَائِلَةً، وَفِي أَصْلِهَا مَعَ عَوْلِهَا إنْ كَانَتْ عَائِلَةً (كَامْرَأَةٍ وَسِتَّةِ إخْوَةٍ) أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةٌ وَإِذَا أَخَذَتْ الْمَرْأَةُ وَاحِدًا مِنْهَا يَبْقَى ثَلَاثَةٌ وَلَا تَسْتَقِيمُ عَلَى السِّتَّةِ وَبَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ بِالثُّلُثِ فَضَرَبْنَا وَفْقَ عَدَدِهِمْ وَهُوَ اثْنَانِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ فَيَكُونُ ثَمَانِيَةً كَانَ لِلزَّوْجِ وَاحِدٌ فَضُرِبَ فِي اثْنَيْنِ فَيَكُونُ اثْنَيْنِ وَلِلْإِخْوَةِ ثَلَاثَةٌ فَضَرَبَ فِي اثْنَيْنِ فَيَكُونُ سِتَّةً لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَهْمٌ.
(وَإِنْ انْكَسَرَ سِهَامُ فَرِيقَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ وَتَمَاثَلَتْ أَعْدَادُ رُءُوسِهِمْ فَاضْرِبْ أَحَدَ الْأَعْدَادِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ) حَتَّى يَحْصُلَ مَا تَصِحُّ مِنْهُ الْمَسْأَلَةُ عَلَى جَمِيعِ الْفِرَقِ (كَثَلَاثِ بَنَاتٍ وَثَلَاثَةِ أَعْمَامٍ) أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةٌ اثْنَانِ مِنْهَا لِلْبَنَاتِ وَوَاحِدٌ لِلْأَعْمَامِ فَيَنْكَسِرُ عَلَى الْفَرِيقَيْنِ لَكِنْ بَيْنَ أَعْدَادِ رُءُوسِ الْبَنَاتِ وَأَعْدَادِ رُءُوسِ الْأَعْمَامِ تَمَاثُلٌ فَيَضْرِبُ عَدَدَ أَحَدِهِمَا وَهُوَ ثَلَاثَةٌ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ فَيَكُونُ تِسْعَةً الثُّلُثَانِ مِنْهَا سِتَّةٌ وَهِيَ حَقُّ الْبَنَاتِ الثَّلَاثِ وَالْبَاقِي وَهُوَ ثَلَاثَةٌ لِلْأَعْمَامِ.
(وَإِنْ تَدَاخَلَتْ الْأَعْدَادُ فَاضْرِبْ أَكْثَرَهَا) أَيْ أَكْثَرَ الْأَعْدَادِ (فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ) حَتَّى يَحْصُلَ مَا تَصِحُّ مِنْهُ الْمَسْأَلَةُ (كَأَرْبَعِ زَوْجَاتٍ وَثَلَاثِ جَدَّاتٍ وَاثْنَيْ عَشَرَ عَمَّا) أَصْلُهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ لِلزَّوْجَاتِ الرُّبُعُ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَلَا يَسْتَقِيمُ عَلَيْهَا وَلِلْجَدَّاتِ السُّدُسُ وَهُوَ سَهْمَانِ وَلَا يَسْتَقِيمُ عَلَيْهَا أَيْضًا وَلِلْأَعْمَامِ الْبَاقِي وَهُوَ سَبْعَةٌ وَلَا مُوَافَقَةَ بَيْنَ الْأَعْدَادِ وَالسِّهَامِ لَكِنَّ الْأَعْدَادَ مُتَدَاخِلَةٌ فَيَضْرِبُ أَكْثَرَهَا وَهُوَ اثْنَيْ عَشَرَ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ اثْنَيْ عَشَرَ فَيَكُونُ مِائَةً وَأَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ كَانَ لِلزَّوْجَاتِ ثَلَاثَةٌ فَيَضْرِبُ فِي اثْنَيْ عَشَرَ فَيَكُونُ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ وَلِلْجَدَّاتِ سَهْمَانِ فَيَضْرِبَانِ فِي اثْنَيْ عَشَرَ فَيَكُونُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ وَلِلْأَعْمَامِ سَبْعَةٌ فَيَضْرِبُ فِي اثْنَيْ عَشَرَ فَيَكُونُ أَرْبَعَةً وَثَمَانِينَ.
(وَإِنْ وَافَقَ بَعْضُ الْأَعْدَادَ بَعْضًا فَاضْرِبْ وَفْقَ أَحَدِهِمَا فِي جَمِيعِ الثَّانِي وَ) اضْرِبْ (الْمَبْلَغَ فِي وَفْقِ الثَّالِثِ إنْ وَافَقَ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْ (فَفِي جَمِيعِهِ وَ) اضْرِبْ (الْمَبْلَغَ فِي الرَّابِعِ كَذَلِكَ) أَيْ فِي وَفْقِهِ إنْ وَافَقَ وَإِلَّا فَفِي جَمِيعِهِ (ثُمَّ) اضْرِبْ (الْحَاصِلَ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ) حَتَّى يَحْصُلَ مَا تَصِحُّ مِنْهُ الْمَسْأَلَةُ (كَأَرْبَعِ زَوْجَاتٍ وَخَمْسَ عَشْرَةَ جَدَّةً وَثَمَانِيَ عَشْرَةَ بِنْتًا وَسِتَّةِ أَعْمَامٍ) أَصْلُهَا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلزَّوْجَاتِ الثُّمُنُ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَلَا تَسْتَقِيمُ عَلَيْهَا وَلَا تُوَافِقُ وَلِلْجَدَّاتِ السُّدُسُ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ وَلَا تَسْتَقِيمُ عَلَيْهَا وَلَا تُوَافِقُ وَلِلْبَنَاتِ الثُّلُثَانِ وَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ وَلَا تَسْتَقِيمُ عَلَيْهِنَّ وَبَيْنَ رُءُوسِهِنَّ وَسِهَامِهِنَّ مُوَافَقَةٌ بِالنِّصْفِ فَرَجَعَ إلَى النِّصْفِ وَهُوَ تِسْعَةٌ وَبَقِيَ لِلْأَعْمَامِ سَهْمٌ فَمَعَنَا أَرْبَعَةٌ وَخَمْسَةَ عَشَرَ وَتِسْعَةٌ وَسِتَّةٌ، ثُمَّ طَلَبْنَا بَيْنَهُمَا التَّوَافُقَ فَوَجَدْنَا الْأَرْبَعَةَ مُوَافِقَةً لِلسِّتَّةِ بِالنِّصْفِ فَرَدَدْنَا أَحَدَيْهِمَا إلَى نِصْفِهَا وَضَرَبْنَاهُ فِي الْأُخْرَى صَارَ الْمَبْلَغُ اثْنَيْ عَشَرَ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلتِّسْعَةِ بِالثُّلُثِ فَضَرَبْنَا ثُلُثَ أَحَدَيْهِمَا فِي جَمِيعِ الْأُخْرَى صَارَ الْمَبْلَغُ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ وَبَيْنَ هَذَا الْمَبْلَغِ الثَّانِي وَبَيْنَ خَمْسَةَ عَشَرَ مُوَافَقَةٌ بِالثُّلُثِ أَيْضًا فَضَرَبْنَا ثُلُثَ خَمْسَةَ عَشَرَ وَهُوَ خَمْسَةٌ فِي سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ فَحَصَلَ مِائَةٌ وَثَمَانُونَ ثُمَّ ضَرَبْنَا هَذَا الْمَبْلَغَ الثَّالِثَ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَعْنِي أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ فَصَارَ الْحَاصِلُ أَرْبَعَةَ آلَافٍ وَثَلَاثَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ وَتَمَامُهُ فِي شُرُوحِ الْفَرَائِضِ فَلْيُطَالَعْ.
(أَوْ إنْ تَبَايَنَتْ الْأَعْدَادُ فَاضْرِبْ كُلَّ أَحَدِهَا فِي جَمِيعِ الثَّانِي ثُمَّ الْمَبْلَغَ فِي الثَّالِثِ ثُمَّ الْمَبْلَغَ فِي الرَّابِعِ ثُمَّ) اضْرِبْ (الْحَاصِلَ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ) حَتَّى يَحْصُلَ مَا تَصِحُّ مِنْهُ الْمَسْأَلَةُ (كَامْرَأَتَيْنِ وَعَشْرِ بَنَاتٍ وَسِتِّ جَدَّاتٍ وَسَبْعَةِ أَعْمَامٍ) أَصْلُهَا أَيْضًا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ لِلزَّوْجَيْنِ الثُّمُنُ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ لَا تَسْتَقِيمُ عَلَيْهِمَا وَبَيْنَ رُءُوسِهِنَّ وَسِهَامِهِنَّ مُبَايَنَةٌ فَأَخَذْنَا عَدَدَ رُءُوسِهِنَّ وَلِلْجَدَّاتِ السُّدُسُ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ لَا تَسْتَقِيمُ عَلَيْهِنَّ وَبَيْنَ أَعْدَادِ رُءُوسِهِنَّ وَسِهَامِهِنَّ مُوَافَقَةٌ بِالنِّصْفِ فَأَخَذْنَا نِصْفَ عَدَدِ رُءُوسِهِنَّ وَلِلْبَنَاتِ الثُّلُثَانِ وَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ لَا تَسْتَقِيمُ عَلَيْهِنَّ وَبَيْنَ رُءُوسِهِنَّ، وَسِهَامِهِنَّ مُوَافَقَةٌ بِالنِّصْفِ فَأَخَذْنَا نِصْفَ عَدَدِ رُءُوسِهِنَّ، وَلِلْأَعْمَامِ الْبَاقِي وَهُوَ وَاحِدٌ لَا يَسْتَقِيمُ عَلَيْهِمْ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَدِ رُءُوسِهِمْ مُبَايَنَةٌ فَأَخَذْنَا عَدَدَ رُءُوسِهِمْ فَصَارَ مَعَنَا مِنْ الْأَعْدَادِ الْمَأْخُوذَةِ لِلرُّءُوسِ اثْنَانِ وَثَلَاثَةٌ وَخَمْسَةٌ وَسَبْعَةٌ وَهَذِهِ كُلُّهَا أَعْدَادٌ مُتَبَايِنَةٌ فَضَرَبْنَا الِاثْنَيْنِ فِي ثَلَاثَةٍ صَارَتْ سِتَّةً ثُمَّ ضَرَبْنَا هَذَا الْمَبْلَغَ فِي خَمْسَةٍ فَصَارَ ثَلَاثِينَ ثُمَّ ضَرَبْنَا الثَّلَاثِينَ فِي سَبْعَةٍ فَحَصَلَ مِائَتَانِ وَعَشْرَةٌ، ثُمَّ ضَرَبْنَا هَذَا الْمَبْلَغَ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ فَصَارَ الْمَجْمُوعُ خَمْسَةَ آلَافٍ وَأَرْبَعِينَ فَمِنْهَا تَسْتَقِيمُ الْمَسْأَلَةُ عَلَى جَمِيعِ الطَّوَائِفِ هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْمَسْأَلَةُ عَائِلَةً.
(وَ) أَمَّا (إنْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ عَائِلَةً فَاضْرِبْ مَا ضَرَبْته فِي الْأَصْلِ فِيهِ مَعَ الْعَوْلِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ) عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ فِي الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ.